أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب النعت

صفحة 276 - الجزء 3

  محتملة للصّدق والكذب؛ فلا يجوز (مررت برجل اضربه) ولا (بعبد بعتكه) قاصدا لإنشاء البيع، فإن جاء ما ظاهره ذلك يؤوّل على إضمار القول كقوله:

  [٣٩٤] -

  جاؤوا بمذق هل رأيت الذّئب قطّ

  أي: جاؤوا بلبن مخلوط بالماء مقول عند رؤيته هذا الكلام.


= جملة الخبر قليل، ثم اعلم بعد هذا أن رابط جملة النعت بالمنعوت قد يكون أصله - قبل الحذف - مرفوعا، كقول الشاعر:

إن يقتلوك فإنّ قتلك لم يكن ... عارا عليك، وربّ قتل عار

فإن قوله: (قتل) المجرور لفظا برب مبتدأ، و (عار) خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير:

ورب قتل هو عار، وجملة المبتدأ المحذوف وخبره في محل رفع نعت لقتل، وقد يكون أصل رابط جملة النعت بالمنعوت منصوبا كقول الشاعر:

أبحت حمى تهامة بعد نجد ... وما شيء حميت بمستباح

فإن جملة (حميت) من الفعل والفاعل في محل رفع نعت لشيء، والرابط ضمير منصوب بحميت محذوف، والتقدير: وما شيء حميته بمستباح، وقد يكون أصل رابط جملة النعت بالمنعوت مجرورا بواحد من حرفين وهما في ومن، فأما الذي أصله مجرور بفي فإنما يكون إذا كان المنعوت اسم زمان ومن أمثلته الآية الكريمة التي تلاها المؤلف {وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً} أي لا تجزي فيه، فإن كان المنعوت غير ظرف الزمان لم يجز حذف الرابط المجرور بفي، نحو (رأيت رجلا رغبت فيه) وأما الرابط المجرور بمن فقد يحذف والمنعوت اسم زمان نحو (هذا شهر صمت يوما مبارك) أي صمت يوما منه، وقد يحذف والمنعوت غير اسم الزمان نحو قولك: «عندي بر إردب بدينارين» أي إردب منه بدينارين.

[٣٩٤] - هذا الشاهد بيت من الرجز المشطور، قيل: هو للعجاج بن رؤبة، وقيل: لراجز كان قد نزل بقوم فانتظروا عليه طويلا حتى جاء الليل بظلامه ثم جاؤوه بلبن قليل قد خلطوا به ماء كثيرا حتى أصبح لونه يحاكي لون الذئب، وقبل هذا البيت قوله:

حتّى إذا جنّ الظّلام واختلط

اللغة: «بمذق» المذق - بفتح الميم وسكون الذال المعجمة - اللبن المخلوط بالماء ومتى كثر خلط اللبن بالماء صار لونه إلى الزرقة، والأصل أن يقال للبن: مذيق، على فعيل بمعنى مفعول، ولكنهم وصفوه بالمصدر فقالوا «لبن مذق» ثم كثر ذلك في =