أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب النعت

صفحة 289 - الجزء 3


= بلم وعلامة جزمه السكون، وحرك بالكسر لأجل الروي، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا.

الشاهد فيه: قوله: (فلم أعط شيئا) حيث ذكر المنعوت وهو قوله (شيئا) وحذف النعت، وأصل الكلام: فلم أعط شيئا عظيما، أو نحو ذلك، ولا يمكن أن يكون الكلام على ظاهره من غير تقدير المحذوف الذي قدرناه لأمرين؛ الأول: أنه يخالف الواقع لأنه كان قد أعطي بالفعل عطاء رأى أنه أقل مما كان يستحقه، والثاني: أنه يخالف قوله: (ولم أمنع) إذ لو كان لم يعط شيئا مطلقا لكان قد منع، ولو قلت: إن في قوله:

(ولم أمنع) حذف المنعوت والنعت جميعا لم تكن قد أبعدت، وأصل الكلام عليه:

فلم أعط شيئا عظيما ولم أمنع الشيء الحقير.

ونريد أن ننبهك هنا إلى أن متقدمي النحاة لم يكونوا يشترطون - لا في حذف النعت، ولا في حذف المنعوت - إلا أن يكون المحذوف معلوما يدركه المخاطب من غير نص عليه، وقد أثرنا لك (في ص ٢٨٦) عبارة سيبويه في حذف المنعوت، وفيها يذكر أن علة جواز الحذف هي التخفيف وعلم المخاطب ما يعنيه المتكلم، ونحن هنا نذكر لك عبارة جار اللّه الزمخشري لتدرك ما أردنا تنبيهك إليه، قال: (وحق الصفة أن تصحب الموصوف، إلا إذا ظهر أمره ظهورا يستغنى معه عن ذكره، فحينئذ يجوز تركه وإقامة الصفة مقامه، كقوله:

وعليهما مسرودتان قضاهما ... داود أو صنع السّوابغ تبّع

وقوله:

ربّاء شمّاء لا يأوي لقلّتها ... إلّا السّحاب وإلّا الأوب والسّبل

وقوله ø {وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ} وهذا باب واسع، ومنه قوله النابغة:

كأنك من جمال بني أقيش

أي جمل من جمالهم، وقال:

لو قلت ما في قومها لم تيثم

يفضلها

أي ما في قومها أحد يفضلها، ومنه قوله:

أنا ابن جلا وطلاع الثنايا

أي رجل جلا، وقوله:

ترمي بكفي كان من أرمى البشر

=