أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[توكيد الحرف غير الجوابي]

صفحة 303 - الجزء 3

[توكيد الحرف غير الجوابي]

  وإن كان غير جوابيّ، وجب أمران: أن يفصل بينهما، وأن يعاد مع التوكيد ما اتصل بالمؤكد إن كان مضمرا، نحو: {أَ يَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ}⁣(⁣١)، وأن يعاد هو أو ضميره إن كان ظاهرا، نحو: (إنّ زيدا إنّ زيدا فاضل) أو (إنّ زيدا إنّه فاضل) وهو الأولى⁣(⁣٢)، وشذّ اتّصال الحرفين، كقوله:

  [٤٠٥] -

  إنّ إنّ الكريم يحلم ما لم


= منصوب بالفتحة الظاهرة، وكان من حقه أن يمنعه التنوين، لكنه لما اضطر نونه (وعهودا) الواو عاطفة، عهودا: معطوف على قوله (مواثقا).

الشاهد فيه: قوله (لا لا) فإنه توكيد لفظي للحرف، ولما كانت (لا) من حروف الجواب لم يحتج لأن يفصل بين المؤكد بشيء مما يجب الفصل به في توكيد الحروف غير الجوابية، وتقول: لا لا، ونعم نعم، ونعم جير؛ فتعيد حرف الجواب بنفسه أو بمرادفه، وقال المضرس بن ربعي:

وقلن على الفردوس أوّل مشرب ... أجل جير إن كانت أبيحت دعاثره

(١) سورة المؤمنون، الآية: ٣٠، فأن المفتوحة الهمزة في (أنكم) مؤكدة لأن المفتوحة الهمزة الأولى في (أنكم إذا متم) وقد فصل بين التأكيد والمؤكد بالظرف وما يليه، وقد أعيد مع (أن) الثانية الضمير المتصل - وهو الكاف والميم - فتحقق الشرطان.

(٢) إنما كان إعادة ضمير المؤكد أولى من إعادة لفظه لسببين، الأول أنه يلزم على إعادة لفظه نحو (إن زيدا إن زيدا قائم) التكرار لفظا، وليس مما يستحسن لغير موجب، والثاني أن إعادته بلفظه ربما أو همت أن الثاني غير الأول وإنما وقع بينهما اشتراك، والذي استعمله القرآن الكريم هو إعادة ضميره نحو قوله تعالى: {فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ} فإن (في) الثانية في قوله سبحانه: {فِيها} توكيد لفي الأولى في قوله:

{فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ} ولا يجوز لك أن تظن مجموع الجار والمجرور مؤكدا لمجموع الجار والمجرور المتقدم، لأنه يلزم على ذلك أن يكون الجار تأكيدا للجار، والمجرور الذي هو الضمير تأكيدا للمجرور الذي هو الاسم الظاهر، وذلك لا يجوز، لأن الظاهر أقوى من الضمير، ولا يكون الأضعف توكيدا للأقوى.

[٤٠٥] - لم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين، وما ذكره المؤلف ههنا صدر بيت من الخفيف، وعجزه قوله:

يرين من أجاره قد ضيما

اللغة: (الكريم) المراد به ههنا الذي يأبى الضيم ولا يرضى بما يمس شرفه أو ينال من =