أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب التوكيد

صفحة 305 - الجزء 3

  وأسهل منه قوله:

  [٤٠٦] -

  حتّى تراها وكأنّ وكأنّ

  لأن المؤكّد حرفان؛ فلم يتّصل لفظ بمثله، وأشذّ منه قوله:


= والتوكيد على هذا الوجه شاذ.

وفي قوله (يرين) توكيد المضارع المنفي بلم كما في قول الراجز يصف وطب لبن، وهو الشاهد رقم ٤٧٤ الآتي:

يحسبه الجاهل ما لم يعلما ... شيخا على كرسيّه معمّما

[٤٠٦] - هذا بيت من الرجز المشطور، وقد نسبوا هذا الشاهد إلى الأغلب العجلي، ومنهم من ينسبه إلى خطام المجاشعي يصف إبلا، وبعد هذا البيت قوله:

أعناقها مشدّدات بقرن

اللغة: (تراها) الضمير البارز المتصل يعود إلى إبل يصفها الراجز (أعناقها) الأعناق:

جمع عنق - بضم أوله وثانيه، وقد يسكن ثانيه تخفيفا - الرقبة (قرن) بفتح أوله وثانيه بزنة جبل - حبل تربط به الإبل ويقرن بواسطته بعضها إلى بعض.

المعنى: وصف الراجز إبلا ارتحلوها واستحثوها للسير فأسرعت وجدت في السير، وكان من أثر هذا الإسراع أن رفعت أعناقها، وكانت كلها في قوة واحدة فتساوت، وتجاوزت حتى ليخالها من ينظر إليها في هذه الحال كأنها ربطت أعناقها وشدت بحبل.

الإعراب: (حتى) حرف غاية وجر (تراها) ترى: فعل مضارع يقصد به هنا حكاية الحال مرفوع بضمة مقدرة على الألف، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، وضمير الإبل مفعول به (وكأن) الواو واو الحال، كأن: حرف تشبيه ونصب (وكأن) توكيد للأول (أعناقها) أعناق: اسم كأن منصوب بالفتحة الظاهرة، وأعناق مضاف وضمير الغائبة العائد إلى الإبل مضاف إليه (مشددات) خبر كأن مرفوع بالضمة الظاهرة (بقرن) الباء حرف جر مبني على الكسر لا محل له من الإعراب، قرن: مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة الظاهرة، وسكن لأجل الوقف، والجار والمجرور متعلق بقوله مشددات.

الشاهد فيه: قوله (وكأن وكأن) حيث أكد كأن التي هي حرف تشبيه ونصب توكيدا لفظيا بإعادة لفظها، مع عدم الفصل بين المؤكد والمؤكد بمعمول أولهما، مع أن (كأن) ليس من أحرف الجواب، والتوكيد على هذا الوجه شاذ، ولو أنه جاء به على ما تقتضيه العربية لقال (كأن أعناقها وكأنها) مثلا، ومع أن ما جاء به الراجز شاذ فإنه أخف =