علوم الحديث عند الزيدية والمحدثين،

عبدالله بن حمود العزي (معاصر)

المنافقون والإسرائيليات:

صفحة 12 - الجزء 1

المنافقون والإسرائيليات:

  ومما لاشك فيه أن المنافقين والوضاعين لم يستطيعوا نيل مايؤملونه من الوضع على رسول الله ÷ في حياته خوفاً من فضيحتهم، وانكشاف أمرهم، ولما أدرك الرسول ÷ شيئاً من ذلك قام خطياً وقال: (من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار)⁣(⁣١)، ونبّه الصحابة في كثير من المواضع على ضرورة التقيد بما قاله وإبلاغه إلى من لم يسمعه بأمانة ودراية، فربما مبلغ أوعى من سامع.

  وأما بعد وفاته ÷ فقد كثر الحديث عنه وضعاً وتدليساً وتلبيساً على مراحل متفرقة، وفي أوقات مختلفة، ولأغراض متعددة ولم تسلم الأحاديث من اسرائيليات⁣(⁣٢) كعب الأحبار⁣(⁣٣) الذي جالس


(١) حديث صحيح، رواه الإمام أبو طالب # في الأمالي: ١١٧، والبخاري: ١٦٢/ ١ فتح، وابن القيم في تهذيبه: ٢٤٨/ ٥، وأورده صاحب اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة عن نحو سبعين صحابياً، وفي بعض ألفاظه (متعمداً)، وبعضها بدون، ومن المعروف أن الكذب هو الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه، سواء كان عمداً أم خطأ، والإثم هنا لا شك هو المعتمد، {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}⁣[البقرة: ٢٨٦]، وبما أنه قد ثبت الكذب على النبي ÷، فإنه يجب التثبت عند رواية الأخبار، وعدم الإكثار إلا بعد الفحص، لأنه مظنة الوقوع في الخطأ المذموم الذي قد يأثم صاحبه).

(٢) سيأتي الكلام موسعاً عن الإسرائيليات في الفصل الرابع من الباب الرابع.

(٣) كعب بن مانع الحميري، ويكني بأبي إسحاق، أسلم في عهد عمر بن الخطاب إسلاماً ظاهراً ليخدع المسلمين بإسرائيلياته، وقيل أسلم في عهد أبي بكر وكان من أكبر أحبار اليهود وعُرف بكعب الأحبار، وسكن في المدينة في عهد خلافة عمر وجعله معارية من مستشاريه، قال الذهبي في تذكرة الحفاظ: أنه قدم من اليمن في عهد عمر فأخذ عنه الصحابة وغيرهم، مات بحمص سنة (٣٨ هـ) وقيل غير ذلك، بعد ما ملأ الشام وغيرها من البلاد الإسلامية برواياته وقصصه المستمدة من الأحبار، وقد حذره عمر بن الخطاب عن الحديث عندما تنبه إلى خطره