علوم الحديث عند الزيدية والمحدثين،

عبدالله بن حمود العزي (معاصر)

الفصل الثاني الجرح والتعديل

صفحة 191 - الجزء 1

  وغير ذلك من الأحاديث النبوية الصحيحة.

  والشيخ قد غفل عن هذا لاستشعاره جلالة من وثق النواصب غالباً، ووهن الشيعة مطلقاً، وعكس الأمر، ونظراً لذلك فقد وقع في التخبط مرة ثانية كما ترى في الأمر الثاني.

  الأمر الثاني: قال الشيخ: (لأن من الطبع البشري بغض من وقعت منه إساءة في حق المبغض، والحب بالعكس).

  أقول: ليس هذا من هذا الباب، فإن عليًّا # لم يسيء إلى أحد من مبغضيه ومن قتله علي من آباء مبغضيه، وقراباتهم فإنما قتل الحق، ونفذ فيه علي # أمر الله ، وأمر رسول الله ÷ فهو في قتله لهم محسن، مستحق الشكر من أولئك الذين أبغضوه.

  ولو جاز بغضه على ذلك أو عذرناهم في بغضهم له لذلك لكان لمنافقي قريش وأشباههم عذر في بغضهم النبي ÷ لقتله صناديدهم، ولاقائل بذلك، كيف لا وربنا سبحانه يقول {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ٦٥}⁣[النساء: ٦٥].

  نعم: لو وجد في قلب ضعيف الإيمان شيء لا يملكه من نفسه، ولا يستطيع دفنه فقد يعذر فيه إذا عمل بخلافه، واستغفر ولم يظهر منه شيئاً، وحاول دفعه بكل ما في وسعه، وهذا شأنه شأن مايلقيه الشيطان في الأنفس من الوسوسة في الخالق عز شأنه. أما عقد القلب على بغض علي #، وثبوت ذلك البغض فيه فلا يكون مطلقاً إلا في منافق قطعاً ولعنة الله على الكاذبين.