الفصل الثاني الجرح والتعديل
  صريحاً، لعظم الإقدام على تجويز كونه صحيحاً، فأما ما ينبني عليه أعظم مواقع الشرع فقد قامت الأدلة القاطعة على المنع)(١).
  القول الثاني: قال السيد العلامة المحدث صارم الدين الوزير: (الواحب قبول حديث كل رواي من أي فرق الإسلام كان، إذا عرف تحرّزه في نقل الحديث وصدقه وأمانته وبعده عن الكذب وإن كان مبتدعاً متأولاً، وردّ كل راوٍ عرف منه خلاف ذلك من غير تساهل في القبول ولا تعنت في الرد، فأما قبوله بمجرد الموافقة في الإعتقاد وردّه بمجرّد المخالفة في الإعتقاد وتطلّب المدح لغير الثقات، وتكلّف القدح في حق الأثبات، فمن مزال الأقدام والتهوّر الموقع في الكذب على المصطفي صلي الله عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، واعتماد على مجرّد التشهير الموقع في غضب الجبّار، ودخول تحت قوله ÷: (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)، فإن القبول والرد بمجرّد ذلك كذب، إذ مرجعه إلى أنه قال ولم يقل أو أنه لم يقل وقد قال، ومن طالع تراجم الرجال عرف أن أكثر الجرح إنما هو من بالمعتقدات أو برواية ما يخالفها، وقد تفاحش الأمر في ذلك بين أهل المذاهب فروعاً وأصولاً ومنقولاً ومعقولاً، وألقى الشيطان بين جهلتهم العداوة والبغضاء، حتى روي أن بعض الشافعية كان يمر بمساجد الحنابلة فيقول: أما آن لهذه الكنايس أن تسد؟! وبين فرق الفقهاء أمور ومقالات يضيق المقام عن ذكرها، وكذا بين الحنابلة والأشاعرة، وبين سائر الفرق من المتكلمين وغيرهم، بل بين الطائفة الواحدة وكذا بين الشيعة والسنية، وجرت بينهم في بغداد وغيرها فتن لا تطاق ... إلى أن قال: والحق عند أئمتنا
(١) إيضاح الدلالة في تحقيق أحكام العدالة: (١٢ - ١٦).