أسباب رواية من أخذ بالقول الأول عن المخالفين:
  أن الراوي العدل وإن كان خارجاً عن الولاية مقبول الرواية، إذ الأمر أن المعتبر في التوثيق هو توثيق الرواية لا توثيق الديانة، ولذلك تجد المحدثين من الشيعة كالنسائي والحاكم يوثَقون كثيراً من النواصب والخوارج، وكذلك فعل أهل الكتب الستة، وهو دليل على أن المعتبر في الراوي عدالة الصدق لا عدالة السلامة من الإثم والبدعة، وقد عقد مصنّف الجامع الكافي في ذلك ما لفظه: " القول في سماع العلم من أهل الخلاف "، قال الحسن بن يحيى #: سألتَ عن سماع العلم من أهل الخلاف وذكرتَ أن قوماً يكرهون ذلك، فالجواب أن النبي ÷ قد بلّغ ما أمر به وعلّم أمته ما فرض الله عليهم وما سنّه رسول الله ÷ ولم يقبض إلا عن كمال الدين، فما روت العامة عن سنته المشهورة أخذت وحملت عن كل من يؤديها، إذا كان يحسن التأدية، مأموناً على الصدق فيها، وما جاء من الآثار التي تخالف ما مضى عليه آل الرسول ÷ ترك من ذلك ما خالفهم، وأخذ ما وافقهم، ولم يضيّق سماع ذلك عن كل من نقله من أهل الخلاف إذا كان يعرف بالصدق على هذا التمييز، ولا خير في السماع من أهل الخلاف إذا لم يكن مع المستمع تمييز على ما ذكرنا انتهى كلامه)(١).
أسباب رواية من أخذ بالقول الأول عن المخالفين:
  وقد يقول القائل: كيف إن أصحاب القول الأول يعتبرون العدالة في الديانة ثم تجدهم يروون عمن قدحوا فيه كالمغيرة وأبي موسى والنعمان بن بشير وغيرهم من الصحابة، وعمرو بن شعيب والزهري وغيرهم من التابعين؟
(١) الفلك الدوار: ٢٢٠ - ٢٢٣.