علوم الحديث عند الزيدية والمحدثين،

عبدالله بن حمود العزي (معاصر)

الفصل الثالث عدالة الصحابة

صفحة 242 - الجزء 1

  فكما تلاحظ أيها القاريء الكريم أن عدالة جميع الصحابة غلو كبير، وإفراط في التقدير، مع المعارضة لما جاء في الكتاب والسنة من الأدلة القوية القاضية بعدم عدالتهم جميعاً وأنهم كغيرهم فيهم الصالح والطالح، خاضعون لمعايير ومقاييس وضوابط العدالة والجرح المعتبرة التي تميز العدل الثقة من غيره.


حسن السقاف: كلا والله الذي لا إله إلا هو، لم يصح كلامك ياابن كثير ولا ما اعتمدته وزعمته، فأما قولك: (خال المؤمنين) فليس بصحيح البتة، وذلك لأنه لم يرد ذلك في سنة صحيحة أو أثر، وعلى قولك هذا في الخؤولة يكون حيي بن أخطب اليهودي جَدُّ المؤمنين لأنه والد السيدة صفيّة زوجة النبي ÷، وليس كذلك. و لم أرك تقول عن سيدنا أبي بكر أو عن سيدنا عمر أنه جد المؤمنين لأن بنتيهما زوجتا رسول الله ÷! ولا أُريد الإسهاب في إبطال هذه الخؤولة المزعومة إنما أذكرها في موضع آخر تختص به إن شاء الله تعالى. وأما قولك (و كاتب وحي رب العالمين) فليس بصحيح أيضاً، وذلك لأن معاوية أسلم عام الفتح، وهو وأبوه من الطلقاء وقد أسلم في أوقات قد فرغ فيها نزول الوحي ووصل عند قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) فماذا سيكتب معاوية؟! وقد ذكر الحافظ الذهبي في «السير» (١٢٣/ ٣) عن أبي الحسن الكوفي قال: «كان زيد بن ثابت كاتب الوحي، وكان معاوية كاتباً فيما بين النبي ÷ وبين العرب» وكذا قال الحافظ ابن حجر في ترجمته في الإصابة. وليكن معلوماً أنه أيضاً ما كتب للنبي ÷ إلا ثلاث رسائل. ثم ليُعْلَم علماً أكيداً أنّ كتابة معاوية للوحي على فرض أنها صحيحة كما يزعم ابن كثير ليست عاصمة له مّما وقع فيه مّما قدّمنا بعضه وسنذكر تمامه في بحث علميَّ مستقل إن شاء الله تعالى، بدليل أن عبدالله بن أبي سرح الذي كان يكتب للنبي ÷ الوحي في مكة أول ما نزل الوحي إرتدَّ وخرج من الإسلام بعد ذلك كما في ترجمته في كتب الحفاظ والمحدثين، ومنها كتاب «سير أعلام النبلاء»: (٣٣/ ٣) والإصابة لابن حجر وغير ذلك، وروى أبو داود في سننه: (١٢٨/ ٤ برقم ٤٣٥٨) بسند حسن عن ابن عباس قال:

«كان عبدالله بن سعد ابن أبي سرح يكتب لرسول الله، فأزله الشيطان فلحق بالكفار، فأمر به رسول الله ÷ أن يقتل يوم الفتح ...» ١ هـ. فهذه ثلاثة براهين تبطل قول ابن كثيرٍ في تفضيل معاوية بكتابة الوحي و تجتث هذه الفضيلة من جذورها.