علوم الحديث عند الزيدية والمحدثين،

عبدالله بن حمود العزي (معاصر)

الفصل الثاني أهم المصنفات في الحديث النبوي الشريف وأنواعها

صفحة 292 - الجزء 1

  من المقلدين الذين يعتبرون تكذيب مثل هذه الأحاديث على حد زعمهم من المنكرات، وقد يصفوا من تكلم فيها بالإلحاد، والزندقة، وفيه وقعوا.

  المثال الثاني: مارواه مسلم في صحيحه، في فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي سفيان الذي لم تصح له ولا لإبنه معاوية فضيلة، أورد مسلم بسنده إلى عكرمة بن عمار، عن أبي زميل، عن ابن عباس: (المُفْتَرَى عليه) قال: (كان المسلمون لاينظرون إلى أبي سفيان، ولا يقاعدونه، فقال للنبي ÷ يا نبيَّ الله! ثلاث أعطينهِنَّ؟ قال: (نعم).

  قال: عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أُزوجكها.

  قال: (نعم).

  قال: ومعاوية تجعله كاتباً بين يديك؟ قال: (نعم).

  قال: وتؤمِّرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين.

  قال: (نعم)⁣(⁣١).

  فهذا الحديث موضوع، كما اعترف المحققون من أهل السنة أنفسهم.

  ومن دلائل وضعه: أن رسول الله ÷ كان قد تزوج أم حبيبة بنت أبي سفيان قبل فتح مكة بزمن، ولما زارها أبو سفيان في المدينة وهو مشرك نحّتْه عن فراش رسول الله ÷، لأنه مشرك نجس في ذلك الحين، وهذا معلوم لا خلاف فيه.

  قال الحافظ ابن الجوزي في هذا الحديث الموضوع: (هو وهم من بعض الرواة، لاشك فيه ولاتردد، وقد اتهموا به عكرمة بن عمار راوي الحديث، وإنما قلنا إن هذا وهم لأن أهل التاريخ أجمعوا على أن أم حبيبة كانت تحت


(١) صحيح مسلم باب من فضائل أبن سفيان رقم: ٢٥٠١، وشرح مسلم: ٦٣/ ١٦.