علوم الحديث عند الزيدية والمحدثين،

عبدالله بن حمود العزي (معاصر)

الفصل الرابع بطلان الإحتجاج بالإسرائيليات

صفحة 335 - الجزء 1

  أقول: هذا اللفظ لا يصح!، لأنَّ لفظ رواية مسلم (٣٠٠٤) مخالف لذلك، ونصه: (حدّثوا عنّي ولا حرج، ومن كذب عليَّ متعمداً ..» وليس «حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج»، فالذي أراه وأعتمده أنَّ النبي ÷ لا يقول هذه المقالة، وخاصة بعدما وصف الله تعالى اليهود في كتابه بأنهم اقترفوا الكذب والتحريف والوضع في الكتب، التي أُنزلت على أنبيائهم، وإما هذه اللفظة (حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)⁣(⁣١) من إجتهادات عبدالله بن عمرو لا سيما وهو من أكابر مَنْ كان يحدّث من تلك الكتب القديمة، كما جاء في كلام الحافظ ابن حجر المتقدّم من كتاب «النكت» صيَّرها الرواة بعد ذلك من المرفوعات.

  وعلى فرض أنَّ هناك من لا يريد الإقتناع فيما أبديناه واعتمدناه، فللحديث تأويل وهو: حدّثوا عن أخبار بني إسرائيل الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة، أما النقل عن أحبارهم وكتبهم وعمَّن ينقل عنها، فليس في النص ما يجوِّزه لدخول الكذب والتحريف عليه بنص الكتاب والسنة.

  (الحديث الثاني): ما رواه البخاري (٧٣٦٢) من حديث أبي هريرة مرفوعاً: «لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا آمنا بالله وما


(١) مع أن رواية ابن عمرو هو أبو كبشة السلولي لم نجد من وثقه إلا العجلي ويعقوب بن سفيان، وهو شامي غير معروف الإسم، وقال الحافظ في «الفتح» (٤٩٨/ ٦): «ليس له في البخاري إلا هذين الحديثين». ثمّ من تتبع طرق الحديث من رواية أبي سعيد وأبي هريرة مع ضعف السند عن أبي هريرة، يتبيّن لنا التلاعب في متنه، والله تعالى أعلم. ومما أعجبني مما يتعلّق بهذه القضية لمستعرض متون هذا الحديث من رواياته: ما رواه الدارمي (٣١٩) عن ابن عون قال: كان الشعبي والنخعي والحسن يُحَدّثون بالحديث مرَّة هكذا ومرَّة هكذا، فذكرت ذلك لمحمد بن سيرين فقال: أما إنهم لو حدّثوا به كما سموه كان خيراً لهم.