الفصل الرابع بطلان الإحتجاج بالإسرائيليات
  في غير الصحيحين(١)، فلا يشك المتأمل فيه أن هذه القصة الطويلة المناقضة تمام المناقضة لما جاء في القرآن الكريم لم تأت إلا من عند أهل الكتاب، وأنها من نسيج خيالهم وقصصهم وتحريفهم ووضعهم!.
  لاسيما وأنهم كانوا يفسّرون القرآن الكريم على حسب النظريات القائمة بأذهانهم، والمقتبسة من الفكر التجسيمي المناقض للقواعد المثبتة في نفس القرآن الكريم، فهذا هو ابن سلام يفسّر قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ٧٩}[الإسراء: ٧٩] بأنَّ الله يجلس النبي ÷ على كرسيه، ويفسِّر قوله تعالى: {فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ ٦٦}[يس: ٦٦]، وينفرد عن جميع الصحابة والمفسرين الذين فسروه بأنه الجسر الذي على متن جهنم! بينما يفسره سيدنا ابن عباس وغيره بأنهم (أي الكفار) استبقوا (صراط) أي طريق الضلالة في الدنيا، فكيف سيبصرون الحق الذي يدعوهم إليه رسول الله ÷! انظر تفسير الإمام القرطبي (٤٩/ ١٥ - ٥٠)، وانظر «صحيح شرح العقيدة الطحاوية» ص (٥٤٩ - ٥٥٠).
  وقد وجدت أن مثل حديث أبي هريرة وأبي سعيد الطويل الذي فيه ذِكْر الرؤية وإتيان الله تعالى الناس يوم القيامة أولاً بغير صورته التي يعرفونها، ثمّ بصورته التي يعرفونها والذي فيه أيضاً ذكر الصراط، والذي رواه غيرهما أيضاً وهو حديث ابن مسعود في الطبراني وعند الحاكم، وفيه عن ابن مسعود: أنَّ الله يأتي الناس يوم القيامة في ظلل من الغمام وينزل من العرش إلى الكرسي، وفي لفظ «ينزل يوم القيامة إلى العباد» هذا الحديث وجدته منقولاً عن
(١) ولم يصح السند إلى ابن مسعود ¥، كما يتبين من التعليق على حديثه في العلو.