فصل
فصل
  ويحسن الظن بالله فيستحضر في ذهنه أنه شيء حقير في مخلوقات العلى الكبير، وأنه عبدُ الله وابن عبده، وابن أمته ناصيته في يده ولا يؤمل العفو والتجاوز والصفح إلا من عنده، وأن الله غنى عن عذابه ولا يعجز بمؤاخذة أحد ولا بعقابه، ويتلو عنده بصوتٍ رقيق هذا الآيات والأخبار الواردة في الرجاء، وهو يتأملها ويتدبر ويتصفح ما فيها ويتفكر، كذلك حكايات الصالحين، وآيات عباد الله المتقين عند هجوم هادْم اللذات، ووروده وانقضاء الأجل المختوم لوفوده.
  قال سبحانه صادق في وعده ووعوده: «أنا عند ظن عبدي بى».
  وليكن مع ذلك خائفاً قلقاً مما كان له من الأيام مُفارقاً، وليعلم أن الله إن عفا عنه فبجوده ورحمته، وإن عذبه فبقدرته وحكمته، فما أحسن الخوف والرجاء إذا اجتمعا وأجودهما إذا كانا معاً.
  وروى أنه ÷ دخل على بعض أصحابه وهو يُعالج الموت، فقال: «كيف تجدك»؟ وقال: أرجو الله وأخاف ذنوبي، فقال ÷: «لا يجتمعان في قلب مؤمنٍ في هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وأمنه مما يخاف»، فأما من وثق بعمله ما خيبه أمله، وإن كان من أرباب العلم والإخلاص، فإنه ليس لأحدٍ عن افتراق الأيام خلاص، بل لكلٍ منا على موارد الهلكة اغتصاص لكان من الآمرين بها والدّاعين إليها، والحاثين من النفس