الجزء الثالث
  بالموعظة، وزينه بالنصيحة، وقاربه بالمودة، وأغراه من ناحية الشفقة، وشهد عليه أربع شهادات باللّه إنه لمن الصادقين، والخامسة إن غضب اللّه إن كان من الكاذبين، فإذا الحاجب يزلقني ببصره، وإذا الكاتب يسلقني بلسانه، وإذا الخادم يعرض عني بجانبه، وإذا الوالي ينظرني (نظر المغشي عليه من الموت)، فصارت وجوه النفع مردودة، وأبواب الطمع مسدودة، وأصبح الخير الذي كنت أرجوه (هشيما تذروه الرياح)، والصلة التي كنت أشرفت عليها (صعيدا زلقا)، (وأصبح ماؤها غورا) فما أستطيع له طلبا، فاسأل اللّه الذي جعل لكل نبي عدوا من المجرمين أن يكفيني شره، ويصرف عني كيده، فإنه يراني وقبيله من حيث لا أراهم، والسلام».
  وله إلى يزيد بن منصور عامل أبي جعفر المنصور على اليمن وقدم إلى صنعاء في أول سنة ١٥٤ فأقام بها باقي خلافة المنصور وسنة من خلافة المهدي وكان قدومه بعد الفرات بن سالم.
  «أما بعد فإنه قدم عليّ كتاب من الأمير حفظه اللّه مع رسوله نعمان الهمداني يأمرني أن أبعث إليه بفرض الفرات بن سالم يريد بالفرض شيئا كان فرضه على أهل اليمن، وأنا أخبر الأمير أكرمه اللّه انه كان قدم علينا قبل كتابه كتاب اللّه تعالى مع رسوله محمد ÷ يأمرنا فيه أن نفرق ما جمع الفرات، وأن نهدم ما بنى وأن نوالي من عادى، وأن نعادي من والى، ونظرت في الرسالتين، وقست بين الرسولين بغير تحيّر عرض، ولا شبهة بحمد اللّه دخلت، فرأيت أن لا أنقض ما جاء به محمد بن عبد اللّه لما قدم به النعمان لعنه اللّه وغضب عليه، وعلمت أن من يزغ منا عن أمر اللّه يذقه من عذاب السعير، فليقض الأمير حفظه اللّه في ما كان قاضيا، ثم ليعجل ذلك ولا ينظرني فو اللّه ان العافية لفي عقابه، وأن العقاب لفي عافيته، وأن الموت لخير من الحياة معه إذا كان هذا الجد منه، والحق عنده، والسلام».
  ومن بشر إلى الشافعي في عبد اللّه بن مصعب.
  «أما بعد فإنك تسألني عن عبد اللّه كأنك هممت به إذ سرك القدوم عليك فلا تفعل يرحمك اللّه فان الطمع بما عنده لا يخطر على القلب إلا من