مجموع بلدان اليمن وقبائلها،

محمد بن أحمد الحجري (المتوفى: 1380 هـ)

الجزء الرابع

صفحة 756 - الجزء 4

  وإن صخرا لتأتم الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار

  وباللّه اسأل يا أمير المؤمنين إعفائي عما استعفيته، قال: قد فعلت، اذكري حاجتك، قالت: يا أمير المؤمنين إنك للناس سيد ولا مورهم مقلد، واللّه سائلك عما افترض عليك من حقنا، ولا تزال تقدم علينا من ينهض بعزك، ويبسط بلسانك، فيحصدنا حصاد السنبل، ويدوسنا دياس البقر، ويسومنا الخسيسة، ويسألنا الجليلة.

  هذا ابن أرطأة قدم بلادي وقتل رجالي، وأخذ مالي، ولولا الطاعة لكان فينا عز ومنعة، فأما عزلته فشكرناك، وإما لا فعرفناك. فقال معاوية:

  إياي تهددين بقومك؟ واللّه لقد هممت أن أردك إليه على قتب أشرس فينفذ حكمه فيك فسكتت ثم قالت:

  صلى الآله على روح تضمنه ... قبر فأصبح فيه العدل مدفونا

  قد حالف الحق لا يبغى به بدلا ... فصار بالحق والايمان مقرونا

  قال: ومن ذلك؟ قالت: علي بن أبي طالب ¦. قال: ما أرى عليك منه أثرا، قالت: بلى، أتيته يوما في رجل ولاه صدقاتنا فكان بيننا وبينه ما بين الغث والسمين فوجدته قائما يصلي فانفتل من الصلاة ثم قال برأفة وتعطف: ألك حاجة؟ فأخبرته خبر الرجل فبكى ثم رفع يديه إلى السماء فقال: اللهم إني لم آمرهم بظلم خلقك ولا ترك حقك، ثم أخرج من جيبه قطعة من جراب فكتب فيها: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} {قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} {بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} {وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} إذا أتاك كتابي هذا فاحتفظ بما في يديك حتى يأتي من يقبضه منك والسلام» فعزله يا أمير المؤمنين ما خزمه بخزام، ولا ختمه بختام.

  فقال معاوية: اكتبوا لها بالإنصاف والعدل عليها، قالت: ألي خاصة أم لقومي عامة؟ قال: وما أنت وغيرك؟ قالت: هي واللّه إذا الفحشاء واللؤم إن كان عدلا شاملا وإلا يسعني ما يسع قومي، قال: هيهات! لمظكم ابن أبي طالب الجرأة وغركم قوله:

  فلو كنت بوابا على باب جنة ... لقلت لهمدان ادخلوا بسلام