مجموع بلدان اليمن وقبائلها،

محمد بن أحمد الحجري (المتوفى: 1380 هـ)

الجزء الرابع

صفحة 791 - الجزء 4

  الخاص ليعلمني أسرع وأنجع طريقة يمكنني بها أن أنظف بندقيتي وقد وفقت بعد الجهد للنسج على منواله وسأحمل طريقته لجنودنا إذا ما قدّر لي أن أقودها في المستقبل قائلا: هذه بضاعة الصحراء.

  وإذا ما تكلمنا في الغرب عن الحكومات والدول وأنظمتها كان كلامنا عن العرب أنهم جماعة من البدو الرحل يسكنون بيوت الشعر وينقسمون إلى قبال متنافرة متخاصمة، وأن ليس لهم دستور ولا قانون ولا حكومة.

  ما أسخفنا في زعمنا هذا وأنّى لنا العلم بما في الصحراء، ونحن ندرس مشاريع إقتسامها بيننا في لندن وباريس.

  من أين لنا أن نعلم بأن هناك في اليمن دولة ليس لها وزارات ومجالس نيابية وأن هذه الدولة على رغم كل هذا يسودها النظام ولها إمام نابغة في شؤون الحكم والإدارة ولو قدر لفرنسا أن تملك مثل هذا الإمام لحلت أعظم معضلاتها.

  إن شمس الصحراء محرقة ولهذا فهي تطهر الأدمغة من السّفسطات ولا يقوم فيها غير المنطق الحر المتجرد من التزلف والرياء.

  العربي لا يحتاج إلى القلاع والخنادق والأساطيل لكسر شوكة الدخلاء فان طبيعة البلاد بجوها الفريد في تقلبه أعظم مساعد على كسر الأعداء.

  للعربي ثلاثة حلفاء، الشواطئ العارية المنفرجة التي يستحيل إنشاء الموانئ والمرافئ على جوانبها.

  والصحراء الأمينة التي تقضي على كل حي ليس من أهلها.

  والشمس التي يسير البدوي في ظلها حاسرا بكوفية قطنية فقط فترأف الشمس به وتدعه يتنعم بنورها، ويسير الأوروبي بضع ساعات في ظلها ساترا رأسه بخوذته الفلينية فلا تلبث الشمس أن تصرعه وترديه طعاما لوقودها.

  انتهى ما ذكره الضابط الأمريكي.