باب القول في الجهاد
  فلما نزلت هذه الآية قال بعض الناس الجهاد في أهل الشرك، وقال بعضهم الجهاد في أهل البغي من أهل الإسلام حتى يعودا إلى ما حكم به رب العالمين في كتابه المبين.
  ثم نظرنا في قولهم فطلبنا شاهداً في كتاب الله ø في اختلافهم، فوجدنا الله ø قد بين ذلك في كتابه فقال سبحانه: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ٤٤}[المائدة: ٤٤] {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ٤٥}[المائدة: ٤٥] {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٤٧}[المائدة: ٤٧].
  فعلمنا عند ذلك أن كل من لم يحكم بما أنزل الله، فقد افترض الله جهاده، وأوجب على الأمة قتاله، حتى يرجع إلى أمر الله، قال الله سبحانه لنبيئه #: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ٧٣}[التوبة: ٧٣] فأمر الله بجهاد الكافر والمنافق معاً، وقد أمر سبحانه نبيئه # بقتال فئة من المسلمين بغت على فئة أخرى من المؤمنين فقال سبحانه: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ٩}[الحجرات: ٩].