كتاب الأصول،

المرتضى محمد بن يحيى (المتوفى: 310 هـ)

باب القول في الجهاد

صفحة 52 - الجزء 1

  وتنزيهها من الأدناس التي هي فيها، حتى يرجعوا إلى ما افترض الله عليهم من حكمه، والقيام بما أوجب الله من حقه، فإذا فعلوا ذلك وأقاموا دينهم، ونزهوا دارهم، وجب عليهم أن يخرجوا إلى الروم وغيرهم من المشركين.

  فأما والدار فاسدة، وأحكام الكتاب مطرحة، وكثير من الخلق عن الله صادّون⁣(⁣١)، ولأمره مضادون، وعلى معاصيه مكابرون، فكيف يُجاهد المشركون وتصلح دارهم، وهذه دار محمد # فاسدة، وأمته لشريعته بعده تاركة، إلا من عصم الله قلبه وبالخير سدده، وذلك القليل من القبيلة، والواحد من الجماعة، فليبك على الإسلام الباكون، وليندب دين محمد # النادبون، فقد أصبح غريباً⁣(⁣٢) مطرحاً، قليل ناصره، كثير مضاده، فإلى الله في ذلك المفزع والمشتكى، وهو غاية المطلب والرجاء، فرحم الله عبداً نظر لنفسه، وقاس شبره بفتره، وطلب ما ينجيه في آخرته، ورجع إلى الله تائباً من ذنوبه، وعمل لآخرته، واستكثر


(١) في (ب): هاذون، والصحيح ما أثبتناه.

(٢) استناداً إلى حديث الرسول ÷: «بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريبا فطوبى للغرباء».