(باب القول في الوعد والوعيد)
  طالب، خرج شاهراً لسيفه وقال: (لا نبايع إلا علي بن أبي طالب) فرض(١) له عمر بن الخطاب في جماعة، فكسر عمر سيفه، وظهر من عمَّار بن ياسر(٢) ¥ بعض الإنكار فضُرِبَ، وكذلك سلمان الفارسي(٣) تكلّم بمثل ذلك حتى استخف به وزجر.
  فأما علي # وأهل بيته $ فأمر إنكارهم لذلك أظهر؛ لأنه رُوي أن العباس(٤) قال لعمر: (بما احتججتم على الأنصار؟
(١) الرض: الدَّق والجرش، ورضرضه كسره. تمت قاموس.
(٢) عمار بن ياسر بن عامر بن مالك أبو اليقظان العنسي المذحجي: كان من السابقين الأولين المعذبين في الله أشد العذاب، شهد مع رسول الله ÷ المشاهد كلها، وكان مخصوصاً منه بالبشارة والترحيب، وقال له: «مرحباً بالطيب المطيب»، وقال: «عمار جلدة ما بين عيني وأنفي»، وقال: «تقتلك الفئة الباغية»، وقال: «ويح عمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار».
وحديث الفئة الباغية أقرت به جميع الطوائف حتى معاوية اعترف بصحته، وكم له من الفضائل والشمائل من رسول الله ÷ شهد من مشاهد الوصي # الجمل وصفين واستشهد في صفين بعد أن قاتل قتالاً عظيماً سنة سبع وثلاثين رحمة الله عليه.
(٣) سلمان الخير أبو عبدالله الفارسي: مولى رسول الله ÷ قصة إسلامه طويلة عظيمة تحكي عن جلال قدره وعظيم منزلته وشدة صبره وتجلده في ذات الله وفي سبيل البحث عن الحق، كان من فضلاء الصحابة وأحد النجباء، وشهد من الخندق فما بعدها جميع مشاهد رسول الله ÷ وقيل إنه شهد بدراً وأحداً وهو عبد، والصحيح الأول.
سكن العراق وعمر طويلاً يقال إنه عاش ثلاثمائة سنة، ومات في خلافة عثمان بالمدينة سنة خمس وثلاثين وكان من أولياء الوصي # ومحبيه، والقائلين بأفضليته وإمامته وخلافته، وتخلف عن البيعة مع علي # في بيت فاطمة رحمة الله عليه ورضوانه.
(٤) العباس بن عبد المطلب بن هاشم: عم رسول الله ÷ كان أسن من رسول الله بسنتين أو ثلاث، وفي رواية الإمام أبي طالب لما سئل أيما أكبر أنت أو رسول الله؟ فقال: (هو أكبر مني وأنا ولدت قبله) ولم يزل معظماً في الجاهلية والإسلام، وخرج إلى بدر مع المشركين فأسره المسلمون ففادى نفسه وابني أخيه أبي طالب عقيلاً ونوفلاً، وأسلم عقيب ذلك، وعذره الرسول ÷ =