(الكلام في إمامة أمير المؤمنين #)
  ومنها: السبق إلى الخيرات، والمبادرة إلى الطاعات.
  ومنها: التمكن من جودة الرأي وحسن التدبير ليكون متقدماً في السياسات.
  فهذه الأمور من اجتمعت فيه كان بالإضطرار أفضل الناس؛ بل من حاز أكثرها.
  وأما الإحاطة بها: فما يلحق العلم بأن من حازها يكون أفضل الخلق بالضرورة بالأوليَّات، وهو # قد حازها وزيادة بلا خلاف بين أهل العلم.
[بيان فضيلة الشجاعة]
  لأن شجاعته # ضربت بها الأمثال، ونظمت فيها الأشعار، وأجمع على العلم بها المؤمنون والكفار، حتى تكلم أهل النفاق بأن القتال قد يكون لأنفة، وحميَّة، وقساوة، وصلابة، يريدون بذلك إطفاء نور الله {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ٨}[الصف].
  وقد أكذبهم الله - تعالى - بما أظهر على لسان نبيه ÷ من حمده وتعظيمه، فلو كان لغير الله من الأغراض لم يستحق عليه مدحاً؛ لأن الله علام الغيوب، والسرائر منها ثم قال تعالى: {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ٩٥}[النساء]، ولو لم يكن له من الجهاد إلا يوم خيبر لكان كافياً؛ لأن أهل النقل لم يختلفوا، وإجماعهم في النقل حجَّة في أن رسول الله ÷ دفع الراية إلى أبي بكر فرجع مهزوماً يلوم أصحابه ويلومونه، ثم دفعها إلى عمر فعاد كذلك فقال: «لأعطين الراية غداً رجلاً كرار غير فرار، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح الله على يديه(١)»، فدفعها إلى علي بن أبي طالب، فتقدم وقتل مرحباً وما تتام آخر الناس
(١) خبر الراية رواه محمد بن سليمان الكوفي بأسانيده عن عدة من الصحابة عن أبي سعيد، وفيه ذكر انهزام عمر وتجبينه لأصحابه وتجبينهم إياه، وعن سلمة بن كهيل من طريقين، وعن أبي ليلى، وعن سعد بن أبي وقاص وعن عمران بن الحصين، وعن سهل وعن بريدة، وعن ابن عباس، وعن أبي هريرة، وعن عمرو بن سعيد بن المسيب، وعن ابن عمر. =