شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(باب القول في الوعد والوعيد)

صفحة 297 - الجزء 1

  إقرار أكثر الناس عليه ولايثبت في المقامات التي تحفظ بها بيضة الإسلام فينتقض الغرض كما قدمنا.

  وأما القوة على تدبير الأمر: فإنما اعتبرنا لأن الإمامة رئاسة عامة على أجناس مختلفة وأهل طبائع متنافرة، فما⁣(⁣١) لم يكن معه من جودة الرأي، وحسن التدبير ما يتمكن به من رم⁣(⁣٢) أمورهم، ومعاشرة جمهورهم، وترتيبهم في ثغورهم، وإقامة حروبهم على وجه الصواب في الأغلب، وحسن التصرف في الحروب، انتقض الغرض في نصبه.

  قلنا: ولا بد أن يكون سليماً من الآفات والعلل؛ لأنها تنقسم إلى قسمين:

  قسم تنفر عنه النفوس: والإمام نظام الأمة، فكيف يكون الإمام على حال لكونه عليها تنفر الأمة من⁣(⁣٣) قربه، ويعافون عشرته.

  وقسم يمنع الإمام من التصرف في الأمة وتفقد أحوالها كالعمى والزمانة وما شاكل ذلك، وهو مراد لذلك دون غيره!؟، فإذا حصل على حال يمنعه من ذلك انتقض الغرض بقيامه ومتابعته.

  وقد ذكر أباؤنا $ وعلماء شيعتنا ¤ الفضل، وجعلوه شرطاً مفرداً، ونحن نرى أن من اجتمع له ما ذكرنا من العلم، والورع، والسخاء، والشجاعة، والقوة على تدبير الأمر لا بد من أن يكون فاضلاً بدليل أنك لا تقول: فلان عالم ورع سخي شجاع قوي على تدبير الأمور، وسياسة الكافة، وليس بفاضل بل يعد من قال ذلك مناقضاً، فذكرناه تبركاً بهم، واستسعاداً باقتفاء آثارهم.

  ولأنهم قد ذكروا أن المراد أن يكون له من السبق إلى الخيرات، والمواظبة على الطاعات، ما يعد لأجله سابقاً أو داخلاً في جملة السابقين، معدوداً من أهل الحظوظ


(١) (ما): إسم موصول بمعنى الذي.

(٢) رم الشيء يرمه - بضم الراء وكسرها -: أصلحه.

(٣) نخ (ن): عن.