[ذكر وقعة الطف للحسين بن علي بن أبي طالب (ع)]
  القلب إثبتوا، وأحاطوا بالحسين # من كل جانب حتى جعلوهم في مثل الحلقة، فعبى # فئته الصابرة - رحمة الله عليهم - وتقدم أمامها حتى قرب من أصحاب عمر بن سعد فاستنصتهم فلم ينصتوا حتى قال: (ويلكم ما عليكم أن تنصتوا لي، فاسمعوا قولي، فإني إنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد، فمن أطاعني كان من المؤمنين، ومن عصاني كان من المهلكين، وكلكم عاصٍ لأمري غير مستمع لقولي، فقد انجزلت عطاياكم من الحرام، وملئت بطونكم من الحرام، فطبع على قلوبكم، ويلكم ألا تنصتون، ألا تسمعون)، فتلاوم أصحاب عمر بن سعد؛ فقالوا: (انصتوا له، فأنصتوا). فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيئه ÷. ثم قال:
  (تباً(١) لكم أيتها الجماعة وترحاً(٢)، أحين إستصرختمونا ولهين(٣) متحيرين، فأصرخناكم موجزين(٤) مستعدين، سللتم علينا سيفاً في رقابنا، وحششتم(٥) علينا نار الفتن جناها عدوكم وعدونا، فأصبحتم إلباً(٦) على أوليائكم، ويداً عليهم لأعدائكم، لغير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم، إلاَّ الحرام من الدنيا أنالوكم، وخسيس عيش طمعتم فيه، من غير حدث كان منا، ولا رأي ثقيل، فهلا لكم الويلات(٧) تجهمتمونا(٨)
= ولاه يزيد بن معاوية، وجعل له ملك الري إن قتل الحسين فباع آخرته بدنيا غيره؛ فلما قتل الحسين لم يف له يزيد، وانتقم الله منه قبل أن يصل إلى ما تمناه من مُلك الري، قتله المختار بن عبيد الثقفي حين خرج يتتبع قَتَلَة الحسين، سنة (٦٦ هـ) بالكوفة. الأعلام (٥/ ٤٧).
(١) التبُّ والتَّبَبُ والتباب والتبيب والتتبيب: النقص والخسار، وتباً له مبالغة. تمت قاموس.
(٢) التَّرَح محركة: الهم، وككتف: القليل الخير، وبالفتح: الفقر، والمترَّح من العيش: الشديد، والمترح كمحسن من لا يزال يسمع ويرى ما لا يعجبه. تمت قاموس.
(٣) الوله محركة: الحزن، أو ذهاب العقل حزناً، والحيرة والخوف. تمت قاموس.
(٤) الوَجْزُ: السريع الحركة، والسريع العطاء، والخفيف في الكلام والأمر. تمت قاموس.
(٥) حَشَّ النار: أوقدها. تمت قاموس.
(٦) ألب القوم إليه: أتوه من كل جانب، والتألب كثعلب: الغليظ المجتمع من الناس. تمت قاموس.
(٧) الويل: حلول الشر. تمت قاموس.
(٨) تجهمه: استقبله بوجه كريه. تمت قاموس.