[زعم ابن تيمية أن الولاية ليس المراد بها الإمارة والرد عليه]
  قلت: يجب على من استملى ما ورد في الباب ليسلم أن النبي ÷ لا يخطب به في الجمع العظيم ويكرره في غيره إلا لأمر.
  قال بعض من تكلم في شرح حديث الغدير: قال أهل العربية لفظ مولى مشترك بين معان أحدهما بمعنى الأولى، قال أبو عبيدة في تفسير غريب القرآن في قوله تعالى: {مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ}[الحديد: ١٥]، يريد سبحانه هي أولى بكم، واستشهد بقول لبيد:
  قعدت كلا الفرجين تحسب أنه ... مولى المخافة خلفها وأمامها
  معناه أولى بالمخافة يريد أن هذه الظبية تحيرت فلم تدر أخلفها أم أمامها أخوف، وبقول الأخطل في عبدالملك بن مروان:
  فما وجدت فيها قريش لأمرها ... أعف وأولى من أبيك وأنجدا
  وأورى بزنديه ولو كان غيره ... غداة اختلاف الناس أكدى وأصلدا
  فأصبحت مولاها من الناس كلهم ... وأحرى قريش أن تهاب وتحمدا
  قال الفراء في تفسير هذه الآية: الولي والمولى في لغة العرب واحد.
  وقال ابن الأنباري في تفسير المشكل من القرآن: المولى والولي والأولى بالشيء، واستشهد بالآية وببيت لبيد أيضاً:
  كانوا موالي حق يطلبون به ... فأدركوه وما ملوا وما لغبوا
  وقد روي في قراءة ابن مسعود: {إنما مولاكم الله ورسوله} مكان وليكم، وفي الحديث: «أيما امرأة تزوجت - وروي: نكحت - بغير إذن مولاها فنكاحها باطل» ومعلوم أنه بمعنى وليها والذي هو أولى الناس بها.
  وقال المبرد: الولي هو الأحق والأولى ومثله المولى فجعل الثلاث عبارات بمعنى واحد، ومن له أنس بالعربية لا يخفى عليه ذلك.