[بطلان الرواية عن أمير المؤمنين # أنه فضل أبا بكر على نفسه]
  روى محمد بن سليمان(١)، عن عثمان بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن عبدالله، قال: حدثنا أحمد بن عبدالله بن ميسرة، قال: أخبرنا عبيدالله، أخبرنا شريك، عن حكيم بن جبير.
  وقال محمد بن عبدالله: حدثنا عبدالرحمن بن صالح، قال: حدثنا علي بن عابس، عن حكيم، قال: قال علي بن الحسين: بلغني أنكم تحدثون بالكوفة أن علياً قال: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر والثاني عمر إن شئتم أسمي الثالث سميته؟ قال: قلت أجل؛ فقال علي بن الحسين: كيف أصنع بحديث حدثنيه سعيد بن المسيب عن سعد بن مالك أن رسول الله ÷ خرج في غزوة تبوك فخلف علياً فقال: أتخلفني؛ فقال: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي».
  وقال: ثم ضرب علي بن الحسين على فخذي ضربة أوجعَتْهَا، ثم قال: فمن هذا الذي هو من رسول الله بمنزلة هارون من موسى، وفي لفظ: فقال: فهل كان في بني إسرائيل بعد موسى مثل هارون؛ فأين يذهب بكم يا حكيم.
  وقد مزجت بين الروايتين.
  ومما يدل على وضع هذه الحكاية: أنهم رووا أن علياً قام فيهم يوم البصرة، ولو كان كذلك لسارع إلى رواية ذلك شيعة أبي بكر وعمر لأنها من رجل يثبت عليه حجة إذ لا زال يتظلم ويتجرم(٢) من تقدمهما وينسبهما إلى غير الصواب، وذلك معلوم لمن تطلع على الأخبار والسير والتواريخ ولا ينكر ذلك إلا مباهت.
  فلما لم نجدها إلا من هذه الطريق عرفنا وضعها وأنه اختص بها الحشوية، وقد رأينا مؤلفات المتعصبين للشيخين من حذاق الحشوية وغيرهم لم يعرجوا على هذه الحكاية ولا فاهوا بها ولو
(١) مناقب محمد بن سليمان الكوفي (١/ ٥٢١) رقم (٤٥١).
(٢) من ذلك ما ذكره السيوطي في جمع الجوامع عن أبي بكرة: سمعت علياً يقول: ولي أبو بكر وكنت أحق الناس بالخلافة، أخرجه كثير بن يحيى.