حاشية كرامات الأولياء في مناقب خير الأوصياء وعترته الأصفياء،

عبدالله بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

[الفوائد من خبر براءة]

صفحة 246 - الجزء 1

  كان أمر عقد العهود من المشركين والبغاة ونبذها على الوجه المشروع إلى الأئمة هبط الأمين جبريل عن أمر الله مبيناً لذلك وقال: «لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك» فكان الذي منه أمير المؤمنين #.

  وإذا كان لا يصلح لنبذ العهود إلى المشركين إلا النبي أو وصيه دل على أنه لا يصلح لما هو أعظم من ذلك لجهاد البغاة والكفار وجمع الفيء والصدقة وتوزيعهما في محلاتهما، وإقامة الحدود، والجمعات، ونصب الحكام، والقيام بمصالح الأيتام، وأحكام المصالح والسبل، وغير ذلك إلا رجل من النبي ÷ وقد دلت الأخبار المستفيضة أن علياً والحسنين منه دون غيرهم من المسلمين.

  وما في الباب من أدل ما يستدل به أنها لا تصلح إلا في عترة النبي ÷ وأنها غير صالحة في غيرهم، ومشاهدة أحكام المغتصبين وخشنها وكثر العثار فيها وعظم كلمها يوضح ما أشرنا إليه.

  وفيما ذكرنا أنه لا يصلح أن يقوم مقام النبي ÷ إلا وصيه، قال الحسن بن يحيى: قد بين الله لنا في كتابه، وبين لنا رسوله في سنته، أن علي بن أبي طالب خليفته من بعده، ثم بعث رسول الله ÷ أبا بكر بعشر آيات من أول براءة إلى أهل مكة فنزل عليه جبريل فقال: «إنه لا يصلح أن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك» فعبث رسول الله ÷ علياً فرد أبا بكر ومضى علي # ببراءة عن أمر الله؛ فكان المؤذن بها عن رسول الله ÷ بأمر الله وجعل الله الأذان من الله ورسوله كل ذلك يبين منزلته واستحقاقه لمقامه. أهـ.

  قلت: وجاء في رواية أحمد وغيره بـ (لن) التي هي لتأبيد التأكيد، صرح به الزمخشري وغيره، وفي بعض الروايات بـ (أن) التي هي لتوكيد الجملة، فعلى كلا الحالتين الحكم بعدم صلوحية غير الوصي مؤكد بأمر الله، والحمد لله.