[فائدة جليلة في قواعد المحدثين في الحديث]
  قال: «قوم يشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وهم مخالفون للسنة».
  فقلت: يا رسول الله فعلامَ أقاتلهم وهم يشهدون كما أشهد؟.
  قال: «على الإحداث في الدين، ومخالفة الأمر».
  فقلت: يا رسول الله إنك كنت وعدتني الشهادة فاسأل الله أن يعجلها لي بين يديك؟.
  قال: «فمن يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، أما إني وعدتك الشهادة وستستشهد، تضرب على هذه فتخضب هذه فكيف صبرك إذاً؟».
  قلت: يا رسول الله ليس ذا بموطن صبر هذا موطن شكر.
  قال: «أجل أصبت، فأعدّ للخصومة فإنك مخاصم».
  فقلت: يا رسول الله لو بينت لي قليلاً؟
  فقال: «إن أمتي ستفتتن من بعدي فتتأول القرآن، وتعمل بالرأي، وتستحل الخمر بالنبيذ، والسحت بالهدية، والربا بالبيع، وتحرف الكتاب عن مواضعه، وتغلب كلمة الضلال؛ فكن حليس بيتك حتى تقلدها، فإذا تقلدتها جاشت عليك الصدور، وقلبت لك الأمور، تقاتل حينئذ على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، فليست حالتهم الثانية بدون حالتهم الأولى».
  فقلت: يا رسول الله بأي المنازل أنزل هؤلاء المفتونين من بعدك؟ أبمنزلة فتنة أم بمنزلة ردة؟.
  فقال: «بمنزلة فتنة يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل».
  فقلت: يا رسول الله أيدركهم العدل منا أم من غيرنا؟
  قال: «بل منا، بنا فتح وبنا يختم، وبنا ألف الله بين القلوب بعد الشرك، وبنا يؤلف بين القلوب بعد الفتنة».
  فقلت: الحمد لله على ما وهبنا من فضله، أهـ(١).
  وقد روى نحو من صدره في نهج البلاغة.
(١) انظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي (٩/ ١٣٩).