حاشية كرامات الأولياء في مناقب خير الأوصياء وعترته الأصفياء،

عبدالله بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

[فائدة جليلة في قواعد المحدثين في الحديث]

صفحة 291 - الجزء 1

  وأخرج الخوارزمي بإسناده إلى أبي ذر قال: كنت مع رسول الله ÷ وهو ببقيع الغرقد فقال: «والذي نفسي بيده إن فيكم رجلاً يقاتل الناس من بعدي على تأويل القرآن كما قاتلت المشركين على تنزيله وهم يشهدون أن لا إله إلا الله، فيكبر قتلهم على الناس، فيطعنون على ولي الله، ويسخطون عمله كما سخط موسى أمر السفينة وقتل الغلام وأمر الجدار، وكان خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار لله رضاً وسخط ذلك موسى» أراد بالرجل علي بن أبي طالب، وحكاه السيوطي في الجامع ونسبه إلى الديلمي⁣(⁣١).

  وهذا الحديث من أبي ذر مستحسن فإنه حدث به قبل وقوع ذلك ببرهة من الزمان، وموته كان في أيام عثمان.

  والحديث وشواهده من أعلام النبوة - على صاحبها وآله أفضل الصلاة والتسليم -.

  وأخرج أبو مخنف، عن أم سلمة وهي تحاور عائشة ما لفظه: كنت أنا وأنت مع رسول الله ÷ في سفر له وكان علي يتعاهد نَعْلَي رسول لله فيخصفها، ويتعاهد أثوابه فيغسلها، فنقبت له نعل فأخذها يومئذ يخصفها وقعد في ظل سمرة، وجاء أبوك ومعه عمر فاستأذنا عليه فقمنا إلى الحجاب ودخلا يحادثاه فيما أرادا ثم قالا: يا رسول الله إنا لا ندري قدر ما تصحبنا فلو أعلمتنا من تستخلف علينا ليكون لنا بعدك مفزعاً؟ فقال لهما: «أما إني قد أرى مكانه ولو فعلت لتفرقتم عنه كما تفرقت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران» فسكتا ثم خرجا؛ فلما خرجنا إلى رسول الله ÷ قلتِ له - وكنتِ أجرأ عليه منا -: من كنت يا رسول الله مستخلف عليهم؟ فقال: «خاصف النعل» فنزلنا فلم نر أحداً إلا علياً؛ فقلت: يا رسول الله ما أرى إلا علياً، فقال: «هو ذاك» فقالت عائشة: نعم أذكر ذلك⁣(⁣٢).

  ومن ذلك: ما رواه الثعلبي أنه ÷ قال: «يا علي إنه قد جاء ما وعدت به جاء الفتح، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وإنه ليس أحد أحق منك بمقامي لقدمك في


(١) الفردوس بمأثور الخطاب للديلمي (٤/ ٣٦٨) رقم (٧٠٦٨).

(٢) انظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (٦/ ٣٢٢)، وتاريخ أبي مخنف (١/ ١٠٢).