[القائلون بتفضيل علي من الصحابة]
  والعجب في هذا يطول معهم لا سيما الذهبي والجوزجاني وابن الجوزي والأزدي وابن حجر والسيوطي وأشباههم الناهشون لحوم المؤمنين، والرامون للصادقين من الشيعة المخلصين بالوضع والكذب بغير برهان إلا مخالفة رواية أولئك لما قد نمقوه من البهتان والضلالة والخسران.
  ولو أنهم عقلوا أن تفضيلهم لأبي بكر إنما هو لقربه إلى رسول الله ÷ بالصحبة في الغار، والصهارة، وقدم الإسلام، وإلا فأي منقبة له، فلم لا يطردوا ذلك فيمن هو منه من لحمه ودمه، وجزء منه.
  أما علي فدليله آية المباهلة، وما في معنى ذلك من الأحاديث وكثر خصائصه في الإسلام.
  وأما فاطمة وابناها فمما لا يدفع، ولكنهم عكسوا القضية وجعلوا من قدم من قدمه الله ورسوله رافضياً عداوة لآل رسول الله وشقاوة، وتقديم من أخره الله سنياً بزعمهم ناجياً من الهلاك زخرفاً من القول وغروراً.
  ألم يسمعوا إلى قوله تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ٦٤}[النحل].
  ثم إنكم رويتم ما بينه رسول الله ÷ وما لم يستطيعوا أن يطعنوا في رواته ما لم يجيء لأبي بكر ولا لغيره حرف واحد، ومانمقتموه من الأخبار فلم يروها إلا أنتم معاندة ومضاددة لا برهان عليها وكلها فيها مقال لا تستيطعوا رده إلا بالمكابرة العاطلة والحكم لله وهو أحكم الحاكمين.
  ثم من سفاهة أحلامهم أنهم يروون المتعارض ويعملون به ولا يعلمون أنه سبحانه منزه عن ذلك، وكذا رسول الله ÷ وأن القول به طعن على الله وعلى رسوله، انظر إلى مسانيدهم وصحاحهم فتجد في ذلك كثيراً لا سيما في الإلاهيات والتفضيل ولا ألوم قدماء الآل في تحذيرهم عن سماع شيء من رواياتهم والإعتماد على شيء منها، لكن بحمد الله لا نغتر بشيء من ذلك بل نزداد بذلك بصيرة إن شاء الله؛ إذ رواية العدو أعظم حجة وأقوى وأصدق في نفس الأمر لما قد علم بالضرورة أن العدو لا يتكلم بتقريظ عدوه إلا إذا كان لا يستطيع رده