[الخبر الأول: سبب نزول آية المباهلة والمراد بها]
  قال: فعيسى من أبوه؟ فسكت النبي ÷ ينتظر الوحي.
  فهبط جبريل بهذه الآية: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٥٩ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ٦٠}[آل عمران]، فقال الأسقف: لا نجد هذا فيما أوحي إلينا.
  قال: فهبط جبريل ~ بهذه الآية: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ٦١}[آل عمران]، قال: أنصفت؛ فمتى نباهلك؟
  قال: «غداً إن شاء الله».
  فانصرفوا، وقالوا: إن خرج في عدة من أصحابه فباهلوه فإنه كذاب، وإن خرج في خاصة من أهله فلا تباهلوه فإنه نبي، ولئن باهلناه لنهلكن.
  وقالت النصارى: والله إنا لنعلم أنه النبي ÷ الذي كنا ننتظره ولئن باهلناه لنهلكن ولا نرجع إلى أهل ولا مال.
  وقالت اليهود والنصارى: فكيف العمل؟
  قال أبو الحارث الأسقف: رأيناه رجلاً كريماً نغدوا عليه فنسأله أن يقيلنا.
  فلما أصبحوا بعث النبي ÷ إلى أهل المدينة ومن حولها فلم يبق بكر لم ترى الشمس إلا خرجت، وخرج رسول الله ÷ وعلي # بين يديه والحسن عن يمينه قابضاً بيده، والحسين عن شماله، وفاطمة خلفه؛ فقال النبي ÷: «هلموا فهؤلاء أبناءنا – للحسن والحسين -، وهؤلاء أنفسنا – لعلي ونفسه ÷، وهذه نساءنا–لفاطمة -» فجعلوا يستترون بالأساطين ويستتر بعضهم ببعض تخوفاً أن يبدأهم بالملاعنة.
  ثم أقبلوا حتى بركوا بين يديه وقالوا: أقلنا أقالك الله يا أبا القاسم؛ قال: «أقلتكم» وصالحوه على ألفي حلة.