[عائشة يوم موت الحسن (ع)]
  وقال ابن عباس لما رأى عائشة راكبة في أربعين تأمرهم بالقتال: يا سوأتاه يوم على بغل ويوم على جمل، تطفئين نور الله، وتقاتلين أولياء الله، وتحولين بين رسول الله ÷ وبين حبيبه أن يدفن في بيته، في كلام طويل.
  قال: فقطبت في وجه ابن عباس وقالت بأعلى صوتها: أو ما نسيتم الجمل يا ابن عباس إنكم لذو حقود.
  فقال ابن عباس: والله ما نسيه أهل السماء فكيف ينساه أهل الأرض، إن ننساه نحن فإن الله تبارك وتعالى لا ينساه كل ذلك في علمه لا يغيب عنه؛ ثم انصرفت.
  قلت: عائشة كانت مطبوعة على بغض الوصي وآله وقد صرحت بذلك عند خروجها من البصرة رواه ابن أبي الحديد وهو غير متهم عليها ورواه غيره من الثقات.
  ويؤكد ذلك: ما روي عنها وقد ذكره أيضاً في مقاتل الطالبيين مسنداً أنها خرت ساجدة حين بلغها قتل وصي رسول الله ÷ وخليفته وتمثلت بهذه الأبيات:
  وبشرها فاستعجلت عن خمارها ... وقد تستفز المعجلين البشائر
  وخبرها الركبان أن ليس بينها ... وبين قرى مصر ونجران كافر
  فألقت عصاها واستقر بها النوى ... كما قر عيناً بالإياب المسافر
  وروى بعض العلماء أنه لما بلغها قتل أمير المؤمنين # قالت: من قتله؟ فقيل لها: رجل من مراد؛ فأنشدت:
  فإن يك نائياً فلقد نعاه ... غلام ليس في فيه التراب
  ومما قاله أبو هريرة ذلك اليوم - أعني لما دفن سبط رسول الله ÷ بالبقيع -: أرأيتم لو جيء بابن موسى ليدفن مع أبيه فمنع أكانوا قد ظلموه؟ فقالوا: نعم؛ قال: فهذا ابن نبي الله قد جيء به ليدفن مع أبيه. أخرجه الذهبي في النبلاء(١).
(١) سير أعلام النبلاء (٣/ ٢٧٥).