حاشية كرامات الأولياء في مناقب خير الأوصياء وعترته الأصفياء
  وهذا المؤلف العظيم، والسفر الكريم، يناقش قضية هامة، ومسألة بالبلوى شاملة عامة، وهي قضية تفضيل أهل البيت وما ورد فيهم كتاباً وسنة من الفضائل، التي رواها الموالف والمخالف، وأجمع على نقلها الجم الغفير من أصحاب الفرق والطوائف.
  وقد أتى فيه مؤلفه بما يقضي بالعجب، وما هو مستأهل لأن يكتب بالذهب لا بماء الذهب، كيف لا ومؤلفه من لا يشق له غبار، ولا يجارى في مضمار.
  ولكون المؤلف | ممن له اطلاع واسع، فقد جمع الأحاديث الواردة في فضل أهل البيت $ وهم (علي وفاطمة والحسن والحسين وذريتهما) من مسند إمام أهل السنة أحمد بن حنبل، ليكون ذلك حجة قاهرة لمن ينكر فضلهم مع وجود ذلك في كتبهم، وعلى ألسنة أئمتهم وعلمائهم، وليكون ملزماً للخصم، ولم يكتف بذلك حتى قام بالتفتيش عن رجال كل خبر أورده، وذكر توثيقهم من كلام المحدثين، حتى لا يقف واقف من الخصوم على تلك الأحاديث ويرميها بالوضع، ويحكم عليها بالضعف، خبط عشواء، واتباع أهواء.
  وإذا كان أحد من النواصب قد قدح في راوٍ من رجال تلك الأسانيد، بسبب روايته لتك الفضائل، أو بسبب كونه من الشيعة، رد على الخصم رداً شافياً، وألزمه الحجة.
  ولم يكتف بذلك حتى أورد لكل خبر من تلك الأخبار شواهد تؤكد صحتها، وذكر مخرجيها ورواتها، من قبل الموالفين والمخالفين.
  ولكون المؤلف | من رجال الحديث فقد نبه على قواعد هامة في علم الحديث قعدها المحدثون، وبنوا عليها كثيراً من الأحكام، وجرحوا بسببها كثيراً من الرجال الأثبات العدول، وقام بنقض تلك القواعد، وبيَّن حيفها وميلها عن الحق الواضح.
  وعلى الجملة فعلم الحديث يحتاج إلى اطلاع شامل، ومعرفة كاملة رواية ودراية، وإلمامٍ بالأخبار من كل ناحية، بالحديث تصحيحاً وتضعيفاً، وآحاداً أو تواتراً، وبالرجال تعديلاً وتجريحاً، وبالأسانيد اتصالاً وانقطاعاً، وبالطرق أفراداً أو تعدداً، وغير ذلك مما يلزم في هذا الفن.
  والمؤلف رحمة الله عليه ممن له اليد الطولى، والحظ الأوفر في هذا الفن، فهو من أئمة هذا الشأن، وفرسان هذا الميدان، جزاه الله خير الجزاء.