[تراجم رجال سند الحديث]
  وقال في تنقيح الأنظار: قولهم كذّاب مما يلحق بالجرح المطلق؛ قال: لأنه يطلق على من يخالف ما تقرر عند المخالف كبعض الشيعة، ومن ذلك قولهم: فلان هالك ساقط الحديث متروك قد يطلق على المبتدع الداعية، وربما كان من التورع عن الكذب والحفظ والعدالة بمكان.
  وقد أشار إلى نحو ذلك أبو بكر الخطيب، وحكى في مقدمة الفتح أيضاً عن ابن حبان: أنهم يطلقون الكذب في موضع الخطأ، يعني المتقدمين.
  إذا عرفت ما هنا: فأقرب من عاصر ابنَ إسحاق هشامٌ، وقد أجاب عنه الذهبي وابن المديني، وذلك أنه روى عن امرأة هشام، وهشام ادعى أنه لم يرها أحد من خلق الله، وقد ثبتت الرواية عنها من غيره، فيجوز أنه رآها قبل تزف إلى هشام، أو في المسجد، أو دخل إليها وكلمته من وراء الحجاب.
  وأما ما نقل عن مالك فيه فهي حدة عند من نم عند مالك به، وقد أجاب عن ذلك ابن المديني بل قد ذكر بعضهم أنه صلح الحال بينهما وأن مالكاً أثنى عليه، وقد احتج بابن إسحاق أئمة، وخرج له من أئمتنا المؤيد بالله وأبو طالب والمرشد بالله ومحمد بن منصور والجماعة كلهم إلا أن البخاري تعليقاً.
  وأما قوله بالعدل، فهو الذي عليه سفينة النجاة ومن خالفهم غرق وهوى، وهو رأس الإيمان بعد التوحيد.
  وهاهنا مهمة ذكرها الزركشي حيث قال ما معناه: اختلف أئمة النقل في الأكثر فبعضهم يوثق الرجل إلى الغاية، وبعضهم يوهِّيه إلى الغاية.
  قال الترمذي(١): اختلف الأئمة في تضعيف الرجال كما اختلفوا فيما سوى ذلك من العلم، وحينئذ فلا يكون إمام منهم حجة على الآخر في قبول رواية راو أو رده، كما لا يكون قول البعض حجة على بعض في الإجتهاديات، لأن في الجرح والتعديل ضرباً من الإجتهاد، ولو ذهب
(١) وقال الذهبي في الميزان: لايقبل جرح الأقران بعضهم لبعض لا سيما السلف، وحدهم رأس ثلثمائة من الهجرة، والأمر في ذلك مستمر إلى وقتنا. انتهى باختصار، تمت من حاشية على الأصل.