حاشية كرامات الأولياء في مناقب خير الأوصياء وعترته الأصفياء،

عبدالله بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

[الكلام في علم أمير المؤمنين (ع) وكونه أعلم الصحابة]

صفحة 74 - الجزء 1

[الكلام في علم أمير المؤمنين (ع) وكونه أعلم الصحابة]

  والثانية: العلم:

  قال ابن هبة الله⁣(⁣١): وما أقول في رجل أقر له أعداؤه وخصومه بالفضل ولم يمكنهم جحد مناقبه ولا كتمان فضائله، فقد علمت أنه استولى بنو أمية على سلطان الإسلام في شرق الأرض وغربها واجتهدوا نيل حيلة في إطفاء نوره، والتحريف عليه، ووضع المعائب والمثالب له، ولعنوه على جميع المنابر، وتوعدوا مادحيه بل حبسوهم وقتلوهم، ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة أو يرفع له ذكراً.

  حتى حظروا أن يسمى أحد باسمه فما زاده ذلك إلا رفعة وسمواً، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه، ولكما كتم تضوع نشره، وكالشمس لا تستر بالراح، وكضوء النهار إن حجبت عنه عيناً واحدة أدركته عيون كثيرة.

  وما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة، وتنتهي إليه كل فرقة، وتتجاذبه كل طائفة، فهو رئيس الفضائل وينبوعها، وأبو عذرها، وسابق مضمارها، ومجلي حلبتها، كل من بزغ فيها بعده فمنه أخذ، وله اقتفى، وعلى مثاله احتذى.

  وقد عرفت أن أشرف العلوم العلم الإلهي ومن كلامه اقتبس وعنه نقل وإليه انتهى ومنه ابتدى؛ فهؤلاء المعتزلة والأشعرية ينتهون بأمرهم إليه ويسندون مذاهبهم إليه، وأما الزيدية فأشهر من علم، وكذا الإمامية.

  وأما علم الفقه: فهو أصله وأساسه، وذَكَرَ طرق الفقهاء إليه ورجوع الصحابة إليه وما ظهر من مكنون العجائب والغرائب.

  وأما التفسير: فمن طالع علمه عرف أنه منه أُخِذ ومنه فرع، وذكر وجه ذلك.

  وأما علم الطريقة: فأرباب هذا الفن في جميع بلاد الإسلام إليه ينتهون، وعنده يقفون.


(١) المراد به عبد الحميد بن هبة الله المدائني، المعروف بابن أبي الحديد، شارح نهج البلاغة، انظر كلامه هذا في شرح النهج (١/ ٢٢) فقد ذكره المصنف هنا على جهة الإختصار.