حاشية كرامات الأولياء في مناقب خير الأوصياء وعترته الأصفياء،

عبدالله بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

[ميزان الحديث المقبول عند الزيدية]

صفحة 87 - الجزء 1


= حتى أن الواحد منهم إذا سمع الحسن بن علي بن محمد الذي هو آخر أئمتهم يفتي في مسئلة فجائز للسامع أن يروي ذلك عن رسول الله ÷، ولم نجد أحداً منهم على اختلافهم في كثير من الفروع والأصول يختلفون في هذا الباب، ويروون فيه حديثاً عن جعفر بن محمد # هو عندهم صحيح ومعتمد عليه أنه قال (حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث رسول الله ÷، ولا حرج عليكم إذا سمعتم مني حديثاً أن تقولوا قال رسول الله ÷ ثم أصولهم التي يعتقدونها توجب ذلك، لأن من مذهبهم أن واحداً من أئمتهم لم يقل قولاً من طريق الرأي والإجتهاد، بل إنما قال بنص أخذه خلف عن سلف حتى ينتهي إلى رسول الله ÷.

فإذا ثبت ما قلناه من أحوالهم واعتقاداتهم ثبت ضعف رواياتهم عن أئمتهم، بل لم يجز أن يعتمد عليها، لأنا لا نأمن أن يكون أحدهم سمع شيئاً من واحد من أئمتهم بعينه فأضافه إلى غيره ممن هو أعلى طبقة منه، فلا تقع الثقة به، ولهذا فرقنا بينه وبين سائر الروايات الذين لا يتهمون بهذا، لأن هذا باب كبير من التهمة يسقط الشهادة، فأولى أن يسقط الخبر، وقد رأيت من العلماء من يستضعف ما يرويه ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي ÷، مع فضل ابن سيرين وظهور ستره وورعه، لما روي أن ابن سيرين كان إذا روى عن أبي هريرة عن النبي ÷، فلما اعتقد أن كل ما يقوله أبو هريرة فهو عن النبي ÷ - وقد علم أن أبا هريرة كان يجوز أن يقول شيئاً برأيه، أو لأنه أخذ عن بعض الصحابة الذين هم أعلى طبقة منه - واعتقد فيه ابن سيرين ما اعتقد، أوجب ذلك ضعف حديثه لهذه التهمة، وقد ذكرت شيئاً من هذا في شرح التجريد في مسئلة ولوغ الهر، فإذا وجب ضعف ما يرويه ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي ÷ لهذه التهمة إن صح عنه ما روي عنه، كان الأولى أن تسقط أخبار الإمامية للوجه الذي بيناه، على أن ما روي في هذا الباب عن ابن سيرين إنما هو خبر واحد غير مشهور ولا مستفيض، وما حكيناه عن الإمامية هو مشهور من اعتقادهم ومذهبهم لذلك وجب سقوط أخبارهم، وقد حكي عن كثير من العلماء أنهم أجازوا قبول شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية لما اشتهر عنهم أنهم يستجيزون أن يشهد بعضهم لبعض ثقة لقول المشهود له إذا كان من إخوانهم، فصارت هذه الشبهة مسقطة لشهادتهم عند العلماء، فكذلك عندنا أخبار الإمامية يجب سقوطها للتهمة التي ذكرناها».