حاشية كرامات الأولياء في مناقب خير الأوصياء وعترته الأصفياء،

عبدالله بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

[الحديث الثاني في أن عليا (ع) أول من أسلم عن زيد بن أرقم]

صفحة 91 - الجزء 1

  قال: وقد روى أبو سعيد عن النبي ÷ مثل هذا الحديث. أهـ باختصار⁣(⁣١).

  وقال أبو جعفر أيضاً⁣(⁣٢): إذا تأملنا الروايات الصحيحة والأسانيد القوية الوثيقة وجدناها كلها ناطقة بأن علياً # أول من أسلم.

  قال: ولو كان احتجاجاً صحيحاً - يعني احتجاج الجاحظ - على أن إسلام أبي بكر كان قبل إسلام علي لادعى واحد من الناس لأبي بكر الإمامة في عصره أو بعد عصره بكونه سبق إلى الإسلام وما عرفنا أحداً ادعى ذلك.

  على أن جمهور المحدثين لم يذكروا أن أبا بكر أسلم إلا بعد عدة من الرجال، منهم: علي بن أبي طالب، وجعفر أخوه، وزيد بن حارثة، وأبو ذر الغفاري، وخالد بن سعيد بن العاص، وخباب بن الأرت.

  قلت: ويشهد لصحة ذلك قول أمير المؤمنين #: (فيا عجباً للدهر إذ صرت يقرن بي من لم يسع بقدمي، ولم تكن له كسابقتي، التي لا يدلي أحد بمثلها إلا أن يدّع مدع ما لا أعرفه ولا أظن الله يعرفه، والحمد لله على كل حال).

  قال ابن أبي الحديد: أي كل من ادعى خلاف ما ذكرته فهو كاذب لأنه لو كان صادقاً لكان # يعرفه لا محالة فإذا قال عن نفسه أن كل دعوى تخالف ما ذكرت فإني لا أعرف صحتها فمعناه أنها باطلة.

  وقوله: (ولا أظن الله يعرفه) فالظن هنا بمعنى العلم كقوله تعالى: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا}⁣[الكهف: ٥٣].

  وأخرج هذه الكلمة مخرج قوله تعالى: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ}⁣[يونس: ١٨]، وليس المراد سلب العلم بل العلم بالسلب، وكذلك ليس مراده #


(١) انظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (١٣/ ١٤٨ إلى ١٥٩).

(٢) انظر هذا الكلام في شرح النهج أيضاً (١٣/ ١٥٥).