[الكلام في حلم أمير المؤمنين #]
  من طرق أصحابنا المعروفين بالورع والعلم والحفظ، أو يشهد له شاهد من القرآن، أو سنة سندها صحيح، أو مشهور، أو مستفيض، أو ما هو على نسق ذلك.
  وإن ادعى علينا مدع فهو خلاف الواقع، ويلزمه أن يبحث عن شروطهم وما يختاروه في طرق الحديث، ومن أحسن جمع لها ما في العلم الواصم لمجتهد العصر أحمد بن أمير المؤمنين الهادي لدين الله الحسن بن يحيى | فإنه نبه فيه وبين شرط كل إمام منهم.
  ومن تصفح الأحوال وطالع الدفاتر وعلم ما لقي من روى في علي وأهل بيته من القتل والعرقبة والحبس والضرب والطرد والإصغار وأخذ الأموال ومنعهم من حقوقهم إنهم مع ذلك لا يروون باطلاً ويخاطرون بأنفسهم بما هو عليهم وبال في الدنيا والآخرة فاعرف ذلك.
  وقد بلغني عن أحمد بن حنبل أنه قال: خرج من بين الكتمين ما ملأ الخافقين في علي، أو معنى ذلك ويعني بالكتمين كتم الأموية والعباسية(١).
[الكلام في حلم أمير المؤمنين #]
  والمنقبة الثالثة: الحلم:
  فإنه كان # أحلم الناس عن مذنب، وأصفح الناس عن مسيء، ومصداق ذلك صفحه عن أصحاب طلحة والزبير وعائشة بعد أن شتموه وسبوه وضربوا وجهه وقتلوا السيابجة وألبوا الخلق عليه، ولما ظفر بمن ظفر منهم مَنّ عليهم.
  وكذلك أهل البصرة فإنه لم يؤاخذهم بشيء مما كان منهم، وكذلك حلمه عن أهل الشام لما طردوهم عن الشريعة وأزاحهم لم يمنعهم كما منعوه.
  وحلمه عن الخارجي وقد لعنه في وجهه فأراد أصحابه قتله فمنعهم وقال: إنما هو سب كسب أو عفو.
(١) المشهور عن أحمد بن حنبل أنه سئل عن فضائل علي # فقال: ماذا أقول في رجل كتم أولياؤه فضائله خوفاً، وكتم أعداؤه فضائله حسداً، فظهر من بين الكاتمين ما ملأ الخافقين، يريد بالكاتِمَينِ أولياؤه وأعداؤه.