فصل [في معنى الخلود]
  إلا الجنة وهي دار جزاء الأعمال.
  قلت: يكون حكمه حكم الأطفال فإنه ليس لهم إلا أعواض الآفات الدنيوية، وزيادة شفاعة صاحب المقام المحمود ÷.
  فإن قيل: أئمتنا $ خصوا شفاعته بأنها زيادة في درجاتهم في الجنة.
  قلت: هو قول كثير منهم وهذا من المؤمنين المقصرين، ولا مانع من شفاعته ÷ لغير المستوجبين دخول النار، وقد شفع ÷ لمن لا ذنب له بدليل قوله تعالى {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}.
  وفي الحديث: أن أمير المؤمنين قال للنبي ÷ (استغفر لي) فقال ÷ «اللهم اغفر لعلي، وهو مغفور لك» وفي رواية «اللهم بحق علي اغفر لعلي»، واستغفر ÷ لأهل الذنوب من أمته، بدليل قوله تعالى {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ٦٤}[النساء: ٦٤]، ونحو ذلك وما جاز في الدنيا جاز في الآخرة.
  فإن قلت: إنك قد دنت أن النبي ÷ يشفع لأهل الذنوب، وشفاعته في الدنيا عامة فتكون في الآخرة كذلك.
  قلت: خص المستوجبون بالنار بقوله تعالى {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}[التوبة: ٨٠]، وقد روي عنه ÷ أنه قال «لو علمت أني أُجَابُ لزدت على السبعين» أو معنى ما قال.
  ومن ذلك: قوله تعالى {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}[المنافقين: ٦]، وقوله تعالى {أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ ١٩}[الزمر: ١٩].