فصل [في معنى الخلود]
  يزيد ما ذكرناه تأكيداً وقوة: قوله ÷ لمحلم [بن جثامة بن قيس] بعد أن قتل نفساً مسلمة وقد جاء يستغفر فقال ÷ «لا غفر الله لك» فلما مات لفظته الأرض(١)، أخرجه ابن جرير من حديث ابن عمر، وأخرجه ابن أبي حاتم والبيهقي من رواية الحسن عن أناس من أصحاب رسول الله ÷.
  نعم، وعند أثناء التحرير لهذا الجواب وصل سؤال من بعض علمائنا كثرهم الله يسأل عن تأويل حديثين رواهما المرشد بالله في الأمالي:
  أحدهما: عن أبي هريرة عن النبي ÷ «من قال لا إله إلا الله نفعه من دهره ولو بعد ما يصيبه العذاب».
  والآخر: عن أنس ولفظه: أن النبي ÷ قال «خرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من الخير».
(١) خبر محلم بن جثامة بن قيس رواه الطبري في تفسيره (٥/ ٢٢٢) فقال: حدثنا ابن وكيع، قال ثنا جرير، عن محمد بن إسحاق، عن نافع أن ابن عمر قال: بعث النبي محلم بن جثامة مبعثاً فلقيهم عامر بن الأضبط فحياهم بتحية الإسلام، وكانت بينهم إحنة في الجاهلية فرماه محلم بسهم فقتله، فجاء الخبر إلى رسول الله فتكلم فيه عيينة والأقرع، فقال الأقرع: يا رسول الله سن اليوم وغير غدا، فقال عيينة لا والله حتى تذوق نساؤه من الثكل ما ذاق نسائي، فجاء محلم في بردين، والحاصل بين يدي رسول الله ليستغفر له فقال له النبي ÷ «لا غفر الله لك»، فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه، فما مضت به سابعة حتى مات ودفنوه، فلفظته الأرض فجاءوا إلى النبي فذكروا ذلك له، فقال «إن الأرض تقبل من هو شر من صاحبكم، ولكن الله جل وعز أراد أن يعظكم، ثم طرحوه بين صدفي جبل وألقوا عليه من الحجارة، ونزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا}.