الجواب الأسد في شفاعة قارئ سورة الصمد،

عبدالله بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

[بيان معنى الصحبة عقلا وعرفا وشرعا]

صفحة 21 - الجزء 1

  التفسير أنهما في آية الجنة أخوان⁣(⁣١).

  وأما الأخرى⁣(⁣٢) ففيها من طول المصاحبة والأخذ من العلوم الخفية بحسن الحوار ودوام المتابعة ما يشهد لما ذهبنا إليه.

  وأقول: إن هذا الاسم مشعر برتبة عظيمة، ومزية جسيمة، لم تنل إلا بتلك الأمور الخطيرة المنعوتة في الأحزاب وما مثلها كالتوبة، وأنه من الأسماء الشرعيات.

  يؤيد ذلك: قوله تعالى {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ}⁣[الفتح: ٢٩]، فهذا هو معنى الصحبة، على أن الله لم يؤمنها من محوها إلا بالمداومة على ناموسها، قال في أثر ذلك {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ٢٩}⁣[الفتح: ١٠]، فمن أخل منهم بإيمانه وعمله فليس من ذلك الأجر والمغفرة في شيء، قال تعالى خاصة فيهم وعامة في غيرهم {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ}⁣[الفتح: ١٠].

  وقال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي


(١) وهي قوله تعالى {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ} إلى قوله تعالى {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ٣٧}.

(٢) وهي الآيات التي تتحدث عن قصة موسى والخضر @.