الجواب الأسد في شفاعة قارئ سورة الصمد،

عبدالله بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

[بيان معنى الصحبة عقلا وعرفا وشرعا]

صفحة 22 - الجزء 1

  شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٥٥}⁣[النور: ٥٥]، وعلى نفسه غَيَّرَ، ولاسمه من ديوان الصحابة محى.

  وجاء في الحديث من طرق «إن منكم من يجلى عن الحوض، فأقول يا رب أصحابي أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول سحقاً سحقاً»، وفي رواية: «فيحال بيني وبينهم».

  إذا ثبت لك أن هذه المزية العظيمة هي لمن لازمه مؤمناً عاملاً بما أتى به من ربه ÷، غير منافق من قبل ثامنة الهجرة، وأما بعدها فمفهوم قوله ÷ لخالد بن الوليد لما لاحى ابن عوف «دعوا لي أصحابي» الخبر، أن ليس له تلك المزية الجسيمة، وأن المسلمين بعد ذلك ليس لهم من فضل الصحابة الشرعية شيء، وخالد أسلم في شهر صفر سنة ثمان من الهجرة.

  على أن الصحابة لم يكونوا يدعون لأنفسهم من العصمة في الرواية ما ادعى لهم القاصدون، وقد كان خيارهم لا يقبل إلا ممن خبر ضبطه، وحُسِّنَ إيمانه، وهذا الشرط لازم فيمن بعدهم.

  ولهذا كان مذهب الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين وغيره من أئمتنا منهم والدنا أمير المؤمنين الهادي لدين الله ¤ اعتبار العدالة في الصحابة كغيرهم من سائر المسلمين، وقد رأيناهم يردون كثيراً من روايات من نَعَتَهُم المخالفُ بالصحبة.

  وأما القاسطون: فإنهم قبلوا روايات من أتى بعد ذلك مسلماً طوعاً أو كرهاً، وادعو له العصمة عن الكذب بالرواية، على أن الغالب على أولئك الذين هم لهم سلفاً ومقتدىً منافقون ومشاقون.