مقدمة التحقيق
مقدمة التحقيق
  
  الحمد لله الذي نصب على الحق أدلة وبرهاناً، وأبان منهج الحق تبياناً، أودع في القرآن الكريم ما يعصم عن الإختلاف في الدين، وتمم بالسنة النبوية ما التبس على المسترشدين، اختبر عباده بالمتشابه من الآيات، وجعل مرجعها إلى المحكمات، مَنَّ علينا بمعرفة الحق واتِّباعه، ووفقنا لمخالفة الباطل وعدم قبوله واستماعه، حرس دينه بأعلام الأئمة، وحمى شريعته بهم عن ضُلَّال الأمة.
  والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين، الذين حموا سرح الدين، عن الغالين والمخالفين.
  وبعد:
  اعلم أن مسألتي الشفاعة والخروج من النار من المسائل الهامة التي كثر فيها الإختلاف، وقل فيها الإئتلاف، وكثر فيها الخوض والتأليف، ودارت بسببها المجادلات والمحاورات، ورمى المختلفون فيها بعضهم البعض بالتكفير والتفسيق، ومخالفة مقتضى الحجة والدليل، وتمسك كل فريق بأدلته، ووقف عند قوله وحجته، ولم تزل هاتان المسألتان مثار جدل وخلاف بين العدلية والمرجئة.
  فالعدلية تقول: بأن من ارتكب الكبائر ومات مصراً عليها غير تائب منها كان مصيره النار خالداً فيها أبداً، ولا شفاعة له.
  والمرجئة تقول: من ارتكب كبيرة غير الشرك فهو مرجأٌ [أي مؤخر] بين أن يغفر الله له وبين أن يعذبه، ولم يقطعوا بأحد الأمرين، وهؤلاء هم المرجئة على التحقيق.