الفصل الأول في آداب العالم في نفسه
  الفنون، ودقائق العلوم، للاحتياج إلى كثرة التفتيش والمطالعة، والتنقيب والمراجعة، وهو كما قال الخطيب البغدادي(١): يثبت الحفظ، ويذكي القلب، ويشحذ(٢) الطبع، ويجيد البيان، ويكسب جميل الذكر وجزيل الأجر، ويخلده إلى آخر الدهر، كما قيل:
  يموت قوم فيحي العلم ذكرهم ... والجهل يلحق أمواتاً بأموات
  وقال بعضهم: علم الإنسان ولده المخلّد.
  قال أبو الفتح علي بن محمد البستي(٣):
  يقولون ذكر المرء يبقى بنسله ... وليس له ذكر إذا لم يكن نسل
  فقلت لهم نسلي بدائع حكمتي ... فمن سرّه نسل فإنا بذا نسلوا
  والأولى أن يعتني بما يعم نفعه، وتكثر الحاجة إليه، وليكن
(١) تقدمت ترجمته.
(٢) يشحذ: يحد.
(٣) هو: علي بن محمد بن الحسين بن يوسف بن محمد بن عبد العزيز البستي، أبو الفتح، شاعر عصره وكاتبه، ولد في بست قرب سجستان له: (ديوان شعر - ط -) توفي سنة ٤٠٠ هـ، (الأعلام ٤/ ٣٢٦).