الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[وصية رسول الله ÷ لعلي # بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين]

صفحة 202 - الجزء 1

  فلم يكن رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام ليوصي إلى علي إلا بأمر الله تبارك وتعالى.

  ولم يكن الله جَلَّ ثَنَاؤُهُ ليأمر رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ أن يوصي إلى عليٍّ وهو يعلم أنه يسفك الدماء التي حرم الله، ولا يُغيِّر، ولا يُبدِّل؛ لأنه ليس من فعل حكيم أن يرسل رسولاً وهو يعلم أن ذلك الرسول يخالف أمره، ولا يكون إلا معصوماً باختياره واستحقاقه، ولا يفعل إلا ما يُؤْمر به؛ لأنه تبارك وتعالى عالم بما الخلق عاملون⁣(⁣١)، وما إليه صائرون.

  وكذلك قال ÷: {مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ}⁣[الأحقاف: ٩](⁣٢).

  فإن زعموا: أن طاعته ليس لله بطاعة، وأن معصيته ليست لله بمعصية؛ وإنما أقاموه ضرورة من جهة التراضي بين المسلمين لا من جهة الفرض من الله؛ كالميتة يحل أكلها لمن اضطر إليها، وكالتيمم من الصعيد مباح لمن لم يجد ماءً.

  فسلهم: ماذا يقولون في سفك ما سفكوا من دماء أصحاب معاوية، وأصحاب طلحة، والزبير، وعائشة، وما سفك أصحاب معاوية، وأصحاب طلحة، والزبير، وعائشة، من دماء أصحابهم على ضرورة كان ذلك؟

  أم لم يجدوا الذي أمروا به كما لم يجدوا أصحاب الميتة طعاماً حتى اضطروا إلى أكلها والطعام موجود معروف؟!


= مُنْتَقِمُونَ}⁣[الزخرف/٤١]، كنز العمال للمتقي: ٦/ ٨٨، مجمع الزوائد للهيثمي: ٩/ ٢٣٥. فضائل الخمسة للفيروز آبادي: ٢/ ٣٩٨ - ٤٠٢، فرائد السمطين لابن المؤيّد الجويني: ١/ ٢٨٤ ح ٢٢٤، كفاية الطالب لمحمَّد بن يوسف الكنجي: ص ١٦٩. منتخب فضائل النبي وأهل بيته $: ص ٢٣٥.

(١) (ج): أعلم بما الخلق عاملون.

(٢) ونحوه ما رواه أحمد بسنده عن ابن عباس من حديث طويل جاء فيه قوله ÷: «والله إنِّي رسول الله وما أدري ما يُفعل بي ..» الحديث، أنظر مسند أحمد: مسند بني هاشم ح ٢٠٢٠ و ٢٩٣٨.