[وصية رسول الله ÷ لعلي # بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين]
  وكما لم يجد المتيمم ماء في وقت حاجته إليه حتى اضطروا إلى الصعيد، والماء بعد ذلك قائم موجود معروف؟
  فنحن نجد الماء والطعام بعد عدمهما في وقت الضرورة موجودين قائمين ليسا بمنقطعين أبداً.
  وزعمت الخوارج ومن قال بمقالتهم: أن الله جَلَّ ثَنَاؤُهُ أمر مصلحاً يصلح بين فِئَتين من المسلمين اقتتلتا طاعة من الله مفروضة وهو عندهم معدوم، وهذا من المحال، وليس من فعل حكيم أن يأمر تبارك وتعالى مصلحاً يصلح بين فِئَتين طاعته طاعة الله، ومعصيته معصية الله، وهو معدوم لا يعرف.
  لقد أعظمت الخوارج ومن قال بمقالتهم في هذا الفرية على الله، سبحانه وتعالى عمَّا يقولون علواً كبيراً.
  فما عذرهم عند الله في سفك دم من لم يؤمروا بسفك دمه؟
  وما حجتهم على من خالفهم من أهل الشام فقال: معاوية كان إماماً من جهة التراضي بين المسلمين لا من جهة الفرض من الله ø، ولكن تراضوا به كما تَرَاضَى أصحاب عليّ بعليّ؟
  وما حجتهم على من خالفهم من أهل البصرة فقال: إن طلحة والزبير كانا إمامين من جهة التراضي بين المسلمين كما تراضَى أهل العراق [بعلي](١)، وكما تراضَى أهل الشام بمعاوية لعنه الله؟
  فإذا كان الأمر على هذا سقط الفرض عن الخلق، ومتى سقط الفرض عن الخلق سقط الاستعباد، ووقع التهارج، ولم يكن لقول الله تبارك وتعالى معنى؛ لأنه أمر بمعدوم لا يوجد، وحاشاه تبارك وتعالى عن ذلك.
(١) سقط من (أ)، وأثبتت من (ب).