الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[الجواب على طعن الخوارج في تحكيم علي # أبا موسى الأشعري وعمرو بن العاص]

صفحة 204 - الجزء 1

  وما حَاجَةٌ إلى قوله⁣(⁣١)، وما معنى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}⁣[الحجرات: ٩]؛ إذ أمر تبارك وتعالى مصلحاً يصلح بين فِئَتين من المؤمنين اقتتلتا فلم يدل الخلق على المصلح الذي من أطاعه أطاع الله، ومن عصاه عصا الله⁣(⁣٢).

  فإن زعموا أن معاوية وأصحابه هم الباغون، وأن الخوارج هم المبغي عليهم، فمن المأمور بالإصلاح؟

[الجواب على طعن الخوارج في تحكيم علي # أبا موسى الأشعري وعمرو بن العاص]

  وما لهم رَضوا ببعث أبي موسَى إذ بعثه علي وأصحابه من قبل التحكيم؟

  ولم دخلوا في فِئَة علي وأقاموا في عسكره ¥ سامعين لأمره مقتصرين على رأيه، يُصَلُّون خلفه، ويقتدون به، حتى فرغ الحَكَمَان من حكومتهما؟ أفلا اعتزلوا قبل ذلك ثم نظروا في أمر معاوية وأمر علي إن كانوا - زعموا - أنهم المأمورون بالإصلاح والقتال؟

  فإن كان عليٌّ وأصحابه عندهم هم الباغون قاتلوهم مع معاوية، وإن كان معاوية وأصحابه هم الباغون قاتلوهم مع علي.

  فإن قالوا: قد أخطأ وأخطأنا إذ حَكَّم كافرين في دين الله وفي دماء المسلمين: أبا موسَى الأشعري، وعمرو بن العاص، وأخرج الحكم من يده إليهما.

  فقل لهم: إن كان من أنصف من نفسه فأخرج الحكم من يده إلى غيره وأمره أن يحكم بما أنزل الله فكان ذلك عندهم خلعاً لنفسه داخل في الكفر تجب البراءة منه، فرسول الله ÷


(١) (ب): أو ما حاجة إلى قوله.

(٢) (ب): فلم يدل الخلق على المصلح الذي طاعته طاعة الله، من أطاعه فقد أطاع الله، ومن عصاه فقد عصا الله؟