الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[الفرق بين التحكيم والحكم]

صفحة 206 - الجزء 1

  فإن قالوا: قد أخطأ وأخطأنا إذ حَكَّم كافرين في دماء المسلمين.

  فقل لهم: أخبرونا عن أبي موسى وعمرو متى كفرا أَقَبْل التحكيم أم بعده؟

  فإن قالوا: قبل التحكيم.

  فقل لهم: فابرؤُا إِذَنْ من رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ السلام إذ ولّى أبا موسَى تهامة، وولى عمرو بن العاص غزوة ذات السلاسل على سرية من المهاجرين والأنصار، فيهم أبو بكر وعمر.

  وابرؤا أيضاً من عمر بن الخطاب إذ ولّى أبا موسَى البصرة وهو كافر يحكم في دمائهم، وفروجهم، وأموالهم.

  فإن قالوا: إنما كفر بعد الحكومة.

  فقل لهم: فما يلزم أمير المؤمنين من كفر أبي موسَى إذ كفر بعد إيمانه، أَمره أن يحكم بما أنزل الله كما أمر الله أهل الكتاب النصارى وغيرهم أن يحكموا بما أنزل الله فيه؛ إذ يقول: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّه فِيه}⁣[المائدة: ٤٧]، فأمرهم أن يحكموا وهم كفار، فلو حكموا بالإنجيل لخرجوا من كفرهم.

  وكذلك أمير المؤمنين # ما ذا عليه إذ أمر أبا موسى أن يحكم بما أنزل الله فلم يفعل؛ مع أن قولهم حَكَّم أبا موسَى وهذه لفظة تغليط؛ لأن بين التحكيم والحكم فرقاً في المعنى واللفظ.

[الفرق بين التحكيم والحكم]

  فأمَّا التحيكم: فقول الرجل للرجل: (إحتكم في مالي ما شئت) على أنه لا يرده فيما طلب، وهذا معنى التحكيم.


(٥) قال تعالى: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ مِنْ الْمَلاَئِكَةِ مُسَوِّمِينَ}⁣[آل عمران: ١٢٥].

(٦) هذا وارد في نخ (أ) تحت علامة (ظ).