[قصة موسى # والعبد الصالح]
[قصة موسى # والعبد الصالح]
  فإن أنكرت الخوارج هذا الحديث فقل: هل ينكرون ما حكى الله في كتابه المنزل على لسان نبيِّه المرسل عن موسى نبي الله # والعبد الصالح الذي قال فيه: {عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ٦٥ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ٦٦ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا ٦٧ وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ٦٨ قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلاَ أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ٦٩ قَالَ فَإِنْ اتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا}[الكهف: ٦٥ - ٧٠].
  فلما ركبا في السفينة خرقها العالم؛ فكان خرقها لله رضاً، ولموسى سخطاً، ولأهلها نجاةً.
  فقال موسَى: {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا}[الكهف: ٧١].
  ولا اختلاف عند ذوي العقول وأهل المعرفة أن خرق السفينة دليل على غَرَق أهلها، وعند العالم علم ما لم يطلع عليه ذووا العقول أن ذلك نجاة لأهلها.
  فقال العالم لموسَى: {أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا}[الكهف: ٧٢]، فقال موسى: {لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا}[الكهف: ٧٣].
  {فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاَمًا}[الكهف: ٧٤] فقتله العالم، فقال موسى: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا}[الكهف: ٧٤]، فكان قتل العالم [للغلام](١) لله رضاً، ولموسَى سخطاً، ولأبويه صلاحاً.
  ولا اختلاف بين الأُمَّة أن من قتل نفساً بغير نفس دليل على الإثم الكبير، وعند العالم من العلم ما لم يكن عند موسى.
(١) سقط من (أ، ب)، وأثبت من (ج).