[وصية رسول الله ÷ لعلي # بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين]
  فقال له العالم: {أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا}[الكهف: ٧٥]. فقال: {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا}[الكهف: ٧٦].
  {فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ}[الكهف: ٧٧] فأقامه العالم، فقال له موسَى: {لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا}[الكهف: ٧٧]، فكان إقامة الجدار لله ø رضاً، ولموسى سخطاً، وللغلامين صلاحاً؛ لأن يستخرجا كنزهما من تحته، فقال العالم لموسَى: {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}[الكهف: ٧٨].
  فأخبر العالم موسى بخبر السفينة وأخذ الملك السفن غصباً بأنه خاف عليها.
  وبخبر الغلام وما خشي أن يرهق أبويه من الطغيان والكفر، وأن الله جَلَّ ثَنَاؤُهُ أراد أن يبدلهما خيراً منه زكاة وأقرب رحماً.
  وبخبر الجدار وبالكنز الذي كان تحته للغلامين حين أقامه؛ لأن يبلغ الغلامان أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربِّك.
  ثم اعتذر العالم إليه فقال: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي}[الكهف: ٨٢] إنما فعلته عن أمر الله.
  وكذلك أمير المؤمنين # كان عنده من العلم بقتال أهل النهروان ما لم يكن عند من نقم عليه ذلك، ولم يقتلهم إلا بأمر رسول الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ، ولم يأمر رسول الله ÷ عليّاً بقتلهم وقتالهم إلا بأمر الله، فكان قتلهم لله رضاً، ولمن نقم ذلك سخطاً، وللأُمَّة صلاحاً.
[وصيَّة رسول الله ÷ لعليٍّ # بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين]
  لكن الأُمَّة نقلت أن رسول الله ÷ أوصى إلى علي وقال له: «قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين»(١).
(١) مستدرك الصحيحين للحاكم: ٣/ ١٣٩، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: ٨/ ٣٤٠، أُسد الغابة لابن الأثير: ٤/ ٣٢، الدر المنثور للسيوطي - في ذيل تفسير قوله تعالى: {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ =