الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الجواب في إثبات الوصية من الله تبارك وتعالى وافتراضه إياها على الخلق

صفحة 23 - الجزء 1

الجواب في إثبات الوصية من الله تبارك وتعالى وافتراضه إيَّاها على الخلق

  

  وعلى الله أتوكل، وإيَّاه أسأل التوفيق

  (أمَّا بعد):

  فإن الله تبارك وتعالى خلق خلقه بلا حاجة منه إليهم، فلم يخلقهم عبثاً، ولم يتركهم سداً، فغذاهم برزقه، ودعاهم إلى طاعته؛ ليعلم مطيعهم من عاصيهم، ووعدهم على طاعته ثوابه، وعلى معصيته عقابه، وهو من قبل خَلْقهم بهم عليم، وبما إليه يصيرون بصير حكيم، فبعث فيهم رسلاً منهم مبشرين ومنذرين بأمر متقن، وقول مبين، فشرَّع لهم شرائع، وحدّ لهم حدوداً، وأنزل فيهم أحكاماً، فأمر ألا تغير شرائعه، ولا تُتعَدى حدوده، ولا تُبدَّل أحكامه، ثم ختم بنبيه الأمين الهادي المهدي، الرؤوف الرَّحيم محمَّد - ~ وَآلِهِ - مصدِّقاً لِما كان من الرسل قبله، ومتخذاً على أُمَّتِه من بعده حُجَّةً أهله، وهي سنة الله في الأولين أمضاها في الآخرين، حكم عدل، وقول فصلٌ، ليس بهزلٍ، وذلك قوله [تعالى]: {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا}⁣(⁣١) [الإسراء: ٧٧].

  وقال: {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ [الْكَافِرُونَ]}⁣(⁣٢) [غافر: ٨٥].

  وقال: {شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ


(١) في (ب): تبديلاً. وفي الأصل أيضاً تكرار: {[ولا] تجد لسنتنا تحويلاً}، وفي الأصل: ولن.

(٢) ما بين المعقوفين تصويب ففي (أ): المبطلون.