الكامل المنير في إثبات ولاية أمير المؤمنين،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[زعم الخوارج أن الصلاة لا تجوز إلا على النبيين]

صفحة 253 - الجزء 1

[شبهات وردود]

[زعم الخوارج أن الصلاة لا تجوز إلا على النبيين]

  وزعمت الخوارج ومن قال بمقالتهم أن الصلاة لا تجوز على أحد إلا على النبيئين لا على غيرهم.

  فلعمري: ما قصدت الخوارج بهذا المعنى إلا بغضة لآل محمَّد عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ؛ إذ أمر الله رسوله بالصلاة عليهم؛ لأن الصلاة من الله هي الرَّحمة، وكذلك قوله تبارك وتعالى: {رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ}⁣[هود: ٧٣]؛ فهذا البيت الذي نزلت فيه الرَّحمة غير بيت محمَّد عَلَيْهِ وَآلِهِ الْسَّلاَمُ؟

  وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ٤١ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ٤٢ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}⁣[الأحزاب: ٤١ - ٤٣]، فإذا كانت الصلاة من الله على المؤمنين فما الذي أخرج أهل بيت النبيّ⁣(⁣١) منها وهم المؤمنون وبهم أمن المؤمنون؟

  فبماذا استوجبت الخوارج الدخول في الصلاة ويُخْرَجُ منها آل محمَّد ÷؟!

  وقوله تبارك وتعالى: {وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ ١٥٥ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ١٥٦ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}⁣[البقرة: ١٥٥ - ١٥٧]، فإذا كانت من الله الصَّلاة والرَّحمة والهُدَى على الصَّابرين فما الذي أخرج أهل بيت محمَّد منها وهم الصابرون الذين صبروا على المصائب في الله مع رسوله، ومنذ قبض


(١) (ج): أهل البيت.